كذلك يفيد حقا للبائع الدائن على المديون في حفظ ماله في ذمته وكونه كالودعي، فله أن لا يقبل الدين عند دفعه قبل حلول الأجل، وبذلك يختلف عن الثمن الحال غير المؤجل لعدم ثبوت الحق المزبور لصاحب الدين على المديون فيه.
وما ذكره (قدس سره) لا يبعد الالتزام به، فإن الملاحظ في المرتكزات العرفية ثبوت هذا الحق وأن لصاحب الدين الامتناع عن قبول دينه قبل حلول الأجل. فتدبر.
الجهة الثانية: في أنه لو أسقط المديون أجل الدين، فهل يسقط الأجل ويحق للدائن مطالبته بالدين أو لا؟
وتحقيق الكلام في المسألة: إن التأجيل إما أن يرجع إلى تقييد الثمن بتطبيقه في الأجل الخاص، فيكون الثمن حصة خاصة، وإما أن يرجع إلى اشتراط تأخير أداء الثمن.
وعلى الثاني، فإما أن تكون حقيقته مجرد اسقاط حق المطالبة الثابت بمقتضى قاعدة السلطنة على المال. أو تكون حقيقته مجرد جعل حق التأخير في أداء الثمن بلحاظ أن الثابت بقاعدة السلطنة ليس إلا جواز المطالبة بنحو الحكم لا الحق. أو تكون حقيقته كلا الأمرين من اسقاط حق المطالبة واثبات حق التأخير في الأداء.
فالاحتمالات أربعة:
فعلى الأول: لا يقبل الأجل للاسقاط، لأنه ليس من الحقوق، بل الثمن يكون مقيدا وهو لا يقبل الاسقاط.
وعلى الثاني: لا حق للمشتري المديون كي يسقطه، بل ليس هنا سوى اسقاط الدائن حقه وهو لا يعود بعد ذلك.
وعلى الثالث: يثبت الحق للمشتري ويقبل الاسقاط ويترتب عليه جواز مطالبة البائع بالثمن، لعدم المانع من تحكيم قاعدة السلطنة.
وعلى الرابع: يثبت الحق للمشتري ويسقط بالاسقاط، لكن لا ينفع في جواز مطالبة البائع، لفرض سقوط حقه بالاسقاط.
والمتحصل: إنه بناء على وجوه ثلاثة لا يثبت للبائع حق المطالبة عند اسقاط المشتري للأجل. نعم على وجه واحد يثبت ذلك.