قبل دفع المبيع... ثم قال: والأقوى ما عليه الأكثر ".
ولا يخفى أن تقريبه للزوم البدأة على البائع لا يرجع إلى استدلال عقلي كي يورد عليه أن العوضية والمعوضية من الأوصاف الإضافية، فلا يحصل أحدهما بدون الآخر.
بل يرجع إلى استدلال عرفي حاصله: إن الظاهر عرفا كون الثمن يقوم مقام المثمن ويشغل الفراغ الحاصل بخروجه عن ملك مالكه، فهو عوض عنه بمعنى ينوب منابه وهذا يقتضي أن يكون هناك تقدم وتأخر.
وبعبارة أخرى: إن الكلام ليس في مفهوم العوضية والمعوضية وتحقق نفس هذا العنوان كي يقال إنهما متضائفان فلا سبق بينهما، بل في ما يتحقق به المفهوم وما يكون منشأ لانتزاعه، وهو يتقوم بالتقدم والتأخر. نعم لا يتصف المعوض بالمعوضية إلا بعد حلول العوض محله.
وبالجملة، مقتضى كون الثمن عوضا أنه متأخر عن المثمن في مقام التمليك والتملك.
إلا أن هذا لا يقتضي سوى التقدم والتأخر في ذلك المقام، لا في مقام التسليم والتسلم، إلا بدعوى أن العوضية كما تلحظ عرفا في أصل البيع تلحظ أيضا في التسليم والتسلم.
وهذه الدعوى تتوقف على ملاحظة الارتكاز العرفي، وهو غير ثابت، فلا وجه للالتزام بلزوم البدأة على البائع في التسليم.
المسألة الثالثة: في وجوب تسليم المبيع مفرغا.
لا يخفى أن تسليم المبيع بنحو يستولي عليه المشتري ويكون تحت يده يحصل ويتحقق ولو كان المبيع مشغولا بمال البائع، فالتفريغ لا يتقوم به التسليم عقلا، وإنما يلتزم بوجوبه من طريق آخر. والمحتملات فيه ثلاثة:
أحدها: إنه واجب بالوجوب التكليفي من باب حرمة التصرف في مال الغير بدون إذنه لأن ابقاء المال في ملكه تصرف فيه واستيفاء لمنفعته.
الآخر: إنه واجب في التسليم بالوجوب الشرطي، بمعنى أن الملتزم به في ضمن