ولكن الذي يبدو أن مسألة الرجوع في العدة تختلف عن مسألة الفسخ في زمان الخيار.
فإنك عرفت أن الأثر في باب الخيار يترتب على الفسخ مع ثبوت حق الخيار، وليس زمان الخيار كأول العقد مأخوذا في موضوع الحكم شرعا بعنوانه، بل هو ملحوظ باعتبار أنه زمان حق الخيار لا أكثر.
وعليه، فيجري استصحاب بقاء الخيار إلى حين الفسخ، ولا يجري استصحاب عدم الفسخ في الزمان الخاص لأنه ليس موضوع الأثر.
وأما في مسألة الطلاق والرجوع، فإن موضوع الأثر هو الرجوع في الزمان الخاص وهو زمان العدة. فمع الشك في التقدم والتأخر، كما يجري استصحاب بقاء حق الرجوع إلى حين الرجوع، كذلك يجري استصحاب عدم تحقق الرجوع في العدة. فيتحقق التعارض. فلا تقاس بما نحن فيه، فتدبر ولا تغفل.
المسألة الثالثة: ما لو ادعى المشتري الجهل بالخيار أو الفورية بناء على فوريته كان القول قوله لأصالة عدم العلم.
وقد احتمل الشيخ (قدس سره) التفصيل بين دعوى الجهل بالخيار، فلا يقبل قوله لأنه من الأحكام المعروفة، فدعوى الجهل خلاف الظاهر إلا أن ينشأ في بلد لا يعرفون الأحكام. وبين دعوى الجهل بالفورية، فيقبل قوله لأنه مما يخفى على العامة.
أقول: مجرد مخالفة الظاهر لا تستلزم كونه مدعيا ما لم يكن الظاهر حجة كي يتقدم على الأصل العملي. وإلا كان الأصل هو المعتبر.
هذا مع أن في تعبيره " ببلد لا يعرفون الأحكام " مؤاخذة لفظية، إذ لا يلزم ذلك بل مجرد عدم نشوئه في بلد يعرفون الأحكام يكفي لعدم ثبوت الظاهر المزاحم للأصل، ولا حاجة إلى اثبات كون الظاهر هو الجهل كما تقتضيه العبارة.
والمراد واضح، وإنما المناقشة لفظية. والله سبحانه العاصم العالم وهو الموفق لكل خير وهو حسبنا ونعم الوكيل.