فالأولى ما ذكرناه من حملها على كون المراد هو القبض وجعل اعتبار الكيل طريقا إليه للملازمة العادية بينهما، أو حملها على اعتبار التقدير في القبض وعدم صحة القبض الجزاف، كما استقربه الشيخ (قدس سره) وذهب إلى أن عبارات الأعلام ناظرة إليه. فلاحظ.
المسألة الثانية: في وجوب القبض.
التزم الأصحاب بوجوب القبض والتسليم على كل من المتبايعين، وقد يقرب بوجهين:
أحدهما: إن العقد يوجب تمليك كل من المتبايعين مال الآخر. ومقتضى حرمة التصرف في مال الغير لزوم تسليمه ماله إذا أراده وعدم ابقائه.
ولا يخفى أن مقتضى هذا الوجه هو لزوم التسليم على كل منهما ولو امتنع الآخر، لأن ظلم أحدهما ومعصيته لا يسوغ ظلم الآخر ومعصيته، ويكون اجبارهما مع الامتناع من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الآخر: إن العقد مبني على التزام ضمني بالتسليم والاقباض، فيجب التسليم من باب وجوب الوفاء بالشرط.
وعليه، فإذا امتنعا كان للحاكم إجبارهما على العمل بالشرط، وأما إذا امتنع أحدهما..
فهل يجب على الآخر التسليم وفاء بشرطه أو من باب حرمة التصرف بمال الغير من دون إذنه، وظلم الممتنع لا يسوغ ظلم غير الممتنع؟
ذكر الشيخ (قدس سره) أن التزام كل منهما بالتسليم إنما هو التزام بتسليم العين مقارنا لتسليم صاحبه، فمع عدم تسليم صاحبه لا يستحق الممتنع على الآخر التسليم من جهة الشرط.
كما أنه التزام كل منهما على صاحبه بعدم تسليم العين عند امتناع صاحبه، فقد أسقط كل منهما سلطنته على ماله إذا امتنع من التسليم وجعل للآخر حق الحبس، فلا يثبت وجوب التسليم من باب حرمة التصرف بمال الغير لثبوت حق الحبس مع الامتناع.