وتحقيق الكلام في المقام: إن الوجوه المتصورة في وقوع مثل هذه المعاملة متعددة وذلك لأن البائع..
إما أن يتحقق منه الايجاب بنحو الترديد والفرد على سبيل البدل، بأن يقصد البيع بالثمن المردد بين الثمنين المؤجل والمعجل بلا تعيين أصلا، ويقبل المشتري كذلك.
وإما أن يقصد البيع بأحد الثمنين الذي يختاره المشتري حين قبوله ويقبل المشتري البيع بأحدهما المعين من النقد أو النسيئة.
وإما أن يقصد البيع بأحدهما الذي يختاره المشتري بعد القبول.
أما الصورة الأولى، فقد ادعي عدم معقوليتها لأن الفرد المردد لا واقعية له، فلا معنى لكونه طرف المعاملة البيعية، ولا يتأتى قصد المعاملة عليه من قبل العقلاء.
وفي هذا بحث يتعرض له في بعض المسائل، كمسألة العلم الاجمالي، فليراجع.
ولنفرض أن ما ذكر تام، فلا اشكال في بطلان هذه الصورة.
وأما الصورة الثالثة، فهي لا اشكال فيها من ناحية الفرد المردد، لأن المفروض تعين الثمن بمعين واقعي وهو اختيار المشتري، لكن الاشكال فيها يكون من ناحية الجهالة والغرر لوقوع المعاملة على المجهول حينها.
وأما الصورة الثانية، فهي لا اشكال فيها من ناحية الفرد المردد، لما تقدم في الصورة الثالثة، كما لا اشكال من ناحية الغرر والجهالة، إذ الجهل المرتفع قبل تمامية المعاملة لا يمنع من الصحة ولا يعتبر عدمه في حال الايجاب، لعدم الدليل.
وعليه، فلا مانع من الالتزام بصحة العقد في هذه الصورة بمقتضى القواعد العامة.
هذا بحسب القواعد.
وأما الروايات، فما أفاده من النهي عن بيعين في بيع ونحوه، فهو لا يصلح لرفع اليد عن القواعد المقتضية للصحة في هذه الصورة، لضعف سندها أولا واجمال المراد منها ثانيا، لعدم العلم بما هو المتعارف في تلك الأزمنة.
وأما رواية محمد بن قيس تقتضي الحكم بالصحة بنحو خاص، ومن المستبعد جدا أنها تتكفل حكما على خلاف القاعدة بحيث تحكم بتحقق ما لم يقصد.