وقد جعل المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (1) المورد من موارد تحمل الضرر لدفعه عن الغير، فإن الضرر متوجه بحسب نية الظالم إلى الشريك الآخر، والشريك المجبور لا يجب عليه تحمل الضرر المتوجه إلى شريكه، فيجوز له دفع الضرر عن نفسه بالقسمة، ثم استشكل في ذلك وأجاب عنه بما لا يهم نقله.
إنما المهم التنبيه على أمرين:
أحدهما: أنه لم يظهر لنا الفرق بين الفرعين بنحو كانت عدم ولاية الشريك على القسمة في الفرع الثاني أمرا واضحا مفروغا عنه، وإنما وقع الكلام في الفرع الأول.
مع أن نفي الضرر في الفرع الأول إذا اقتضى ثبوت الولاية للشريك فهو أيضا يقتضي ولايته في الفرع الثاني دفعا للضرر، أو يقتضي ولاية الظالم على التعيين والقسمة دفعا للضرر على الشريك الآخر.
والآخر: إن مورد تعارض الضررين إنما هو ما إذا كان هناك حكمان متنافيان تامان من حيث المقتضي يستلزمان الضرر في حد أنفسهما مع قطع النظر عن تطبيق القاعدة، فتتعارض قاعدة الضرر بلحاظهما، لأنها حين تنفي أحدهما تعارض بنفي الآخر ولذا يلاحظ الأهم والأرجح منهما، نظير ما إذا أدخلت دابة رأسها في قدر الغير بحيث توقف اخراجها وانقاذها على كسر القدر، فإن سلطنة كل من المالكين على ماله تستلزم الضرر على الآخر، فيتحقق التعارض.
أما إذا لم يكن إلا حكم واحد ضرري وكان نفيه مستلزما للضرر، لم يكن المورد من موارد تعارض الضرر - الاصطلاحي - بل في مثله يلتزم بعدم جريان حديث نفي الضرر، ببيان انصراف دليل نفي الضرر عن مثل هذه الصورة لأنه بملاك نفي الضرر، فلا يشمل موردا يستلزم نفي الحكم الضرري الضرر.
وبعبارة أخرى: قاعدة نفي الضرر لا تشمل موردا يستلزم تطبيقها فيه الضرر بحيث ينشأ الضرر من تطبيقها. وقد أوضحنا ذلك في مباحث الأصول (2).
وما نحن فيه من قبيل الثاني، فإنه ليس لدينا حكمان ضرريان تتعارض قاعدة