ولكن يمكن الدفع عنه: بأن عدم العلم هناك لم يؤخذ في موضوع الخيار في الغبن، بل هو مقوم للشرط الضمني الارتكازي، فلا تنفع أصالة عدم العلم لعدم كون مجراها موضوع الأثر.
وهذا بخلاف ما نحن فيه لأخذ عدم العلم في موضوعه كما هو ظاهر رواية زرارة، إذ أخذ فيها عدم التنبيه الظاهر في كونه طريقا لعدم التنبه. فأصالة عدم العلم تجري في نفس موضوع الأثر.
هذا، ولكنك عرفت في المسألة الأولى من مسائل الاختلاف في الموجب أن سبب الخيار ليس هو وقوع العقد على المعيب مع عدم العلم، بل موضوعه هو تخلف الوصف المقصود بنحو الداعي أو بنحو الاشتراط.
وعرفت أن أخذ عدم العلم لأجل تقوم قصد الوصف به إذ مع العلم بالعيب لا يكون وصف الصحة مقصودا وملحوظا، فأصالة عدم العلم لا تجدي شيئا ههنا.
بل مرجع الدعوى حيث هو ثبوت الخيار لتخلف الوصف المقصود وعدم ثبوته لعدم تخلف الوصف المقصود ولو لعدم موضوعه وهو القصد، كان القول قول منكر الخيار لموافقة قوله الأصل. فتدبر.
المسألة الثانية: فيما لو اختلفا في زوال العيب قبل علم المشتري بالعيب أو بعده بناء على الالتزام بأن زواله بعد العلم لا يسقط الخيار.
قال الشيخ (قدس سره): " ففي تقديم مدعي البقاء فيثبت الخيار لأصالة بقائه وعدم زواله المسقط للخيار أو تقديم مدعي عدم ثبوت الخيار لأن سببه أو شرطه العلم به حال وجوده وهو غير ثابت فالأصل لزوم العقد وعدم الخيار وجهان أقواهما الأول ".
وتحقيق الحال: أنه إن بنينا - كما هو المختار - على أن زوال العيب قبل الرد موجب لسقوط الخيار - ردا وأرشا - سواء كان قبل العلم أم بعد العلم، فلا موضوع لهذه المسألة، إذ هما يتفقان على زوال العيب قبل الرد، فلا خيار حينئذ ولا أهمية لزواله قبل العلم أو بعده.