والتحقيق: إنه إذا كان الالتزام متعلقا بالتسليم المقارن وبنحو يحق لكل منهما حبس مال الآخر عند امتناعه، فالالتزام بجواز اجبارهما إذا امتنعا معا لا وجه له، إذ مع امتناع كل منهما يكون كل منهما ذا حق في ابقاء مال الآخر لديه، فلا وجه لاجباره إذ ابقاؤه لديه مشروع وجائز. فأي وجه يصحح الاجبار؟ إذ الالتزام كان بالتسليم مقيدا بعدم الامتناع من الآخر فمع الامتناع لا يجب الوفاء بالشرط.
وهذا الحكم بحسب الظاهر من المسلمات لديهم.
والذي نستقربه: إن التمليك والتملك في بيع الشخصي لا يحصل بدون القبض مطلقا، وأن دعوى حصوله بدونه وأن العقد يتضمن التزاما آخر بالتسليم غير وجيهة.
وذلك: لأن الملاحظ في حال العقلاء الذين لا يتعدون الموازين هو بناؤهم على تسليم مال الغير إلى مالكه وعدم تعديهم عليه، فأي مقتض لاشتراط كل منهم على طرفه في العقد بتسليم ماله إذا فرض تحقق التمليك والتملك بنفس العقد؟ بل نرى أن التصريح بمثل ذلك قد يستلزم أذى الطرف الآخر لأنه يشعر بتهمته واحتمال حبسه للمال.
فالالتزام بثبوت الشرط المذكور بعيد عن ملاحظة أحوال العقلاء.
هذا، مع أنا لا نرى أن أهل العرف يرون من يمتنع عن التسليم بمنزلة الغاصب أو السارق، ولو كان التمليك والتملك يحصل بدونه لكان الممتنع غاصبا بنظرهم.
هذا من ناحية النظر إلى بناء العرف والعقلاء.
وأما بحسب نظر الشارع، فلم نعثر بمقدار تتبعنا العاجل على ما يدل على حصول الملك قبل القبض، بل هناك ما يدل أو يؤيد ما استقربناه.
كالنص الوارد بأن التلف قبل القبض من مال البائع، فإنه مضافا إلى استبعاد مثل هذا الحكم التعبدي المحض في أبواب المعاملات - لو فرض تحقق الملك بالعقد - ظاهر في أن التلف من مال البائع. وحمله على الانفساخ قبل التلف آنا ما تأويل لا داعي له.