الأمر الخامس: مما اعتبر في صحة الشرط: أن لا يكون منافيا لمقتضى العقد.
وقد استدل الشيخ (قدس سره) على ذلك بوجوه ثلاثة:
الأول: وقوع التنافي بين مقتضى العقد الذي لا يتخلف عنه وبين الشرط الملزم لعدم تحققه، فلا يمكن الوفاء بالعقد المقيد بالشرط. فأما أن يحكم بتساقط كليهما وأما أن يحكم بتقديم جانب العقد لأنه المتبوع المقصود بالذات والشرط تابع. وعلى كلا التقديرين يكون الشرط باطلا.
الثاني: إن الشرط المنافي لمقتضى العقد مخالف للكتاب والسنة الدالين على عدم تخلف العقد عن مقتضاه، فيكون من الشرط المخالف.
الثالث: الاجماع على عدم صحة هذا الشرط.
وملخص الكلام في هذه الجهة: إن الشرط..
إن كان منافيا لما هو المقوم للعقد، كشرط عدم الثمن في البيع، فهو مما لا يمكن صدوره من عاقل ملتفت لأن القصدين متنافيان فلا يمكن الجمع بينهما. ولو صدر عن غفلة، فلا أثر لذلك الشرط لمنافاته لمعنى العقد.
وإن كان منافيا للأثر الشرعي الذي لا ينفك عنه، كجواز التصرف في المبيع..
فإن كان المقصود اشتراط عدم ترتب ذلك الأثر، فهو اشتراط أمر غير مقدور.
وإن كان المقصود اشتراط عدم تحقق متعلق الحكم خارجا، كاشتراط عدم التصرف في المبيع بكل نحو من أنحاء التصرف، فإن كان الحكم إلزاميا كان منافيا للكتاب وإلا فلا محذور فيه في نفسه إلا أن يكون العقد معه سفهيا للغويته.
وبالجملة، لا موضوعية لمنافاة الشرط لمقتضى العقد بل هي إما راجعة إلى شرط أمر غير مقدور، أو ما يخالف الكتاب. وإلا فلا مانع منه.
ثم إن ظاهر كلماتهم كون موضوع البحث هو الشرط المنافي لأثر العقد ومقتضاه لا لمعناه وما يقومه - كما يظهر من المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (1) - فراجع كلماتهم ولاحظ الأمثلة المذكورة فيها تعرف.