واستشهد على هذا المعنى أنه لولا ذلك لما صح العقد لأجل الجهل بالوصف الذي يختلف الأغراض باختلافه. وهم قد اتفقوا على لزوم ذكر الأوصاف التي يختلف الثمن باختلافها للزوم الغرر بترك ذكرها، ولم يذكروا لزوم اشتراط الصحة مع أنها من أهم الأوصاف المتعلقة للغرض من ما يكشف عن اعتمادهم على أصالة السلامة.
ومن هنا يظهر الوجه في اقتضاء اطلاق العقد بناؤه على السلامة، فإنه بعد المفروغية عن أن المتعارف عند العقلاء هو ملاحظة السليم والصحيح، دون الأعم من السليم والفاسد، يكون مقتضى الاطلاق بملاحظة الأمارة العرفية أعني أصالة السلامة وعدم ذكر ما ينافيه، كالتبري من العيوب مثلا، هو إرادة السليم اعتمادا على هذا الكاشف النوعي العرفي. وبهذا ينحل السؤال الثاني.
ويظهر أن بناء العقد على السلامة ليس لأجل أصالة السلامة فقط كي يقال أن الأصل لا يزيد على العلم بالسلامة، بل لأجل الأصل بملاحظة نظر العقلاء نوعا وأنهم يريدون السليم مع عدم نصب قرينة على الأعم.
فمراد الشيخ (قدس سره) هو كفاية الاطلاق في بناء العقد على السلامة بلا حاجة إلى ذكر الوصف.
ولا يخفى أن ما ذكرناه في بيان مراد الشيخ (قدس سره) من بناء العقد على السلامة بلحاظ الأصل يختلف عن الالتزام بذلك بلحاظ انصراف المطلق إلى الفرد الصحيح، لأن مرجع دعوى الانصراف إلى تقيد متعلق المعاملة بالصحة، وهذا لا يريد الشيخ أن يقوله بل يريد أن يلتزم بأن العقد يقع مبنيا على وصف الصحة وقد عرفت أنه لا يرجع إلى تقييد المبيع، فهو يريد من الاطلاق اطلاق العقد - كما عبر - لا اطلاق المبيع.
وأما عدم تعدد الخيار بذكر وصف الصحة بعنوان الاشتراط، فالوجه فيه: أن رجوع الاشتراط إلى خيار الشرط ليثبت الخيار عند التخلف إنما هو بملاحظة الارتكاز العرفي والسيرة العقلائية في باب المعاملات.