المسألة الثالثة: فيما يسقط به الأرش دون الرد. وقد ذكر الشيخ (قدس سره) (1) أنه موردان:
المورد الأول: إذا اشترى ربويا بجنسه كمن من حنطة بمن منها أو من شعير فظهر عيب في أحدهما، فإنه لا يثبت الأرش في ذلك لأن اعطاء الأرش يستلزم الربا لزيادة أحد العوضين به.
واحتمل (قدس سره) جواز أخذ الأرش وحكى عن التذكرة (2) نفي البأس عنه بعد أن نسبه إلى بعض الشافعية موجها له: بأن المماثلة إنما تعتبر في العوضين الربويين في ابتداء العقد والمفروض أنها حاصلة والأرش حق ثبت بعد ذلك لا يقدح في العقد السابق.
ويمكن توضيحه: بأن حق الأرش لم يلحظ جزءا من الثمن في قبال وصف الصحة كي يتحقق التفاضل بين العوضين المستلزم للربا، بل هو غرامة شرعية حكم بها الشارع وجعل اختيارها بيد المشتري، فلا يتحقق بها الربا، بل هي نظير أن ينذر زيد لمشتري المعيب بأن يعطيه درهما.
ولكن الشيخ (قدس سره) بعد ذلك توقف في الحكم المزبور وذهب إلى إمكان دعوى كون الأرش عوضا عن وصف الصحة عرفا وشرعا، والمفروض إلغاء وصف الصحة في المعاملة الربوية وفرضه كالمعدوم، فيكون الأرش مستلزما للربا. وقال بعد ذلك:
" والمسألة في غاية الاشكال ولا بد من مراجعة أدلة الربا وفهم حقيقة الأرش ".
ولكن السيد الطباطبائي (رحمه الله) (3) ذكر أن المسألة في غاية الوضوح، إذ الأرش غرامة شرعية ولم يفرض كونه جزء لأحد العوضين. مع أنه لو سلم كونه جزءا فأدلة تحريم الربا قاصرة عن شمول مثل ذلك بنحو تحكم على أدلة استحقاق الأرش، لظهور اختصاصها بما إذا كان التفاضل بسبب بناء المتعاقدين أنفسهما. فلاحظ.