وعلى الثاني، يلتزم بالتخيير، لأن المورد من موارد التزاحم.
إما بتقييد كل منهما بصورة ترك الآخر - نظير ما يقال في الترتب في باب الأمر بالضدين -.
وإما لسقوطهما بالمزاحمة - بناء على امتناع الترتب - وثبوت خطاب آخر بهما بنحو التخيير للعلم بثبوت الملاك في كل منهما، فلا معنى لاهمالهما بالمرة من قبل الشارع، فإذا لم يمكن تحصيل كل منهما للتزاحم فيلزم بتحصيل أحدهما تخييرا، نظير سائر الخطابات التخييرية، كما يظهر ذلك بملاحظة الأمثلة العرفية المشابهة للفرض.
هذا في الأحكام التكليفية.
وأما في الأحكام الوضعية، كالملكية، فيقال: إن قيام البينة على ملكية هذا الكتاب لزيد - مثلا - يوجب حدوث ملاك جعل الملكية لزيد، وقيامها على ملكيته لعمرو يوجب حدوث ملاك جعلها لعمرو، والجمع بين الملكيتين غير ممكن، والتخيير ههنا لا معنى له لأنه مفوت لحق أحدهما.
فيتعين أن يلتزم بتأثير البينتين أثرا واحدا وهو ملكية كلا الشخصين للعين، لعدم امكان تأثير كل منهما تأثيرا مستقلا، نظير توارد العلل المتعددة على معلول واحد، فإن التأثير يستند إلى الكل ولا يصدر سوى أثر ومعلول واحد. فيثبت التنصيف بهذا الوجه الاستحساني.
ومنه يتضح: إن ما ذهب إليه الشيخ (قدس سره) من أن مقتضى الجمع بين البينات هو التنصيف يبتني على مقدمات ثلاث:
الأولى: شمول دليل الحجية لمورد التعارض.
الثانية: الالتزام بالحجية بنحو السببية.
الثالثة: تقريب التنصيف بالوجه الاستحساني المزبور.
وجميع المقدمات محل إشكال، بل منع.
هذا، مع أنه لا ينطبق على ما نحن فيه، إذ الالتزام بالتنصيف فيما لو كانت كلتا البينتين ثبوتيتين بمعنى أن إحداهما تثبت الملكية لشخص والأخرى تثبتها لآخر، لا