ولكن لا يخفى عليك أن ما أفاده بفروعه يبتني على إرادة اللزوم التكليفي.
أما لو قلنا باللزوم الوضعي بمعنى أن المدين إذا عين الدين في مال وخلي بينه وبين المالك تعين وكان مال الدين ولو لم يقبضه بيده، فلا تصل النوبة لبعض ما ذكره.
والالتزام باللزوم الوضعي متين، لأجل قيام السيرة العقلائية عليه، فإن بناء العقلاء على تعين مال المالك بالتعيين وأنه ليس له حق عدم القبول، بل تفرغ ذمة المدين بمجرد عرض الدين على الدائن سواء قبضه بيده أم لم يقبضه.
وبعد هذا لا تصل النوبة إلى التمسك ب: " لا ضرر " ونحوها.
ثم إن الشيخ (قدس سره) تعرض في هذا المقام - بمناسبة نبه عليها - إلى فرعين ذكرهما في جامع المقاصد (1):
أحدهما: ما لو أجبر الظالم أحد الشريكين في المال بنحو الإشاعة على دفع حصة شريكه إليه.
والآخر: ما لو تسلط الظالم بنفسه وأخذ حصة الشريك.
فهل يتعين المغصوب في حصة الشريك ويبقى الباقي للآخر أو أن الغصب يتوزع عليهما؟
والذي أفاده الشيخ (قدس سره) في الفرع الثاني: أن دليل نفي الضرر لا يقتضي تأثير نية الظالم في التعيين. فإذا أخذ جزءا خارجيا من المشاع، فتوجه هذا الضرر على من نواه الظالم دون الشريك لا وجه له، إذن فالغصب يتوزع عليهما.
وأما في الفرع الأول، فقد أفاد (قدس سره): بأنه يمكن أن يقال: إن الشريك لما كان في معرض التضرر من جهة الشركة جعل له ولاية القسمة.
وناقشه: بأن ولايته على القسمة إنما تثبت بنفي الضرر إذا لم تكن القسمة موجبة لتضرر الشريك، كما فيما نحن فيه لتلف حصته بمجرد القسمة، وإلا فلا ترجيح لأحد الضررين.