ولذا لا معنى لحملها على الصورة الثالثة بجعلها مخصصة لدليل نفي الغرر، إذ الحكم بالصحة بأقل الثمنين مع اختيار المشتري لأكثرهما يلزم الحكم بتحقق ما لم يقصده المتبايعان.
وهكذا الحال لو حملت على الصورة الثانية، مضافا إلى أنه لا مانع من الحكم بالصحة على طبق المقصود كما عرفت. وتخصيص القواعد بعيد جدا، خصوصا وأنها غير ظاهرة في إحدى الصورتين.
ويمكن حملها على صورة أخرى، وهي أن يبيعه بثمن نقدا، ثم يشترط عليه زيادة الثمن في قبال اسقاطه حق التعجيل على نحو يكون الاسقاط في قبال نفس الالتزام بزيادة الثمن لا في قبال نفس الزيادة، بمعنى أن الاسقاط وارد على الموضوع الخاص وهو الملتزم.
ومن الواضح أن حق التعجيل يسقط سواء نفذ الالتزام أم لم ينفذ لأن موضوعه نفس الالتزام لا الزيادة، والمفروض تحقق الالتزام. ولكنه ليس بنافذ لاستلزامه الربا كما قيل.
وعليه، فيصح البيع بالثمن الأقل دون الزائد، كما لا يحق له المطالبة بالفعل لسقوط الحق، نظير ما بيناه في تقيد البيع بالشرط، وأن التمليك وارد على الالتزام لا الملتزم به فلا يكون فساد الالتزام مخلا بالبيع وموجبا لفساده.
ومن هنا يندفع ما ربما يقال من: أن إلغاء الشارع للزيادة موجب لبطلان ما يقابلها من الاسقاط لما عرفت من أن الاسقاط في قبال الالتزام بالزيادة لا نفسها.
وأما ما قد يقال من: أن اسقاط حق المطالبة لا معنى له، لأن الثابت من جواز المطالبة بمقتضى قاعدة السلطنة إنما هو بنحو الحكم لا الحق فلا يقبل الاسقاط.
ففيه: مع قطع النظر عن أصل المبنى أن الملحوظ ليس هو الاسقاط بعنوانه، بل ما هو ثابت في باب النسيئة من عدم حق المطالبة وثبوت الحق للمشتري في التأخير سواء رجع ذلك إلى اسقاط حق المطالبة الثابت بمقتضى قاعدة السلطنة أو جعل حق التأخير للمشتري أو غير ذلك.