الصحة كان التزام البائع غشا. وإلا فإن اعتمد على أصالة السلامة، فلا يصدق الغش.
والمتحصل: إن الغش عبارة عن تلبيس الأمر مع حصول اللبس، وبذلك يظهر أنه لا فرق في حصوله بين اخفاء العيب وإخفاء العيب الجلي ومحاولة تغطيته على المشتري إذا تحقق الخفاء وانكشف العيب بعد ذلك.
وأما التبري عن العيوب، فهل يمنع من صدق الغش أو لا؟ أو فقل: هل يجب التبري عن العيوب بنحو التخيير بينه وبين الإعلام؟
وتحقيق الكلام: إن الغش إن كان عبارة عن مجرد عدم إظهار العيب، فهو صادق مع التبري عن العيوب، وإن كان عبارة عن تلبيس الأمر واظهار وصف الصحة، فإن كان منشؤه ظهور التزام البائع الضمني في ذلك، فهو ينتفي مع التبري إذ لا التزام بالصحة معه. هذا يجري حتى بناء على أن الغش مجرد عدم إظهار العيب فانتبه.
بل لنا أن نقول: إنه مع التبري عن العيوب وموافقة المشتري على ذلك لا يكون إظهار الصحة غشا، إذ ليس الغش مجرد اخفاء العيب وتلبيسه، بل هو اخفاء الوصف المقصود للطرف الآخر. والمفروض أن وصف الصحة مع التبري وموافقة المشتري عليه ليس مقصودا للمشتري، فلا يكون اخفاؤه واظهار عدمه غشا.
ولو أبيت إلا عن صدق الغش في مثل ذلك فهو ليس بمحرم قطعا، إذ لا يحرم لبس الأمر على شخص في جهة لا يهتم بها.
ومن هنا يظهر أن الغش ليس خصوص اخفاء الشئ واظهار الخير، بل مطلق إظهار ما هو خلاف المقصود ولو كان باظهار شر والواقع خلافه. فتدبر.
وأما بطلان المعاوضة، فالبحث فيه صغروي، إذ البحث الكبروي وهو بطلان المعاملة التي تعلق النهي بها بذاتها يقع في علم الأصول.
وعلى تقدير الالتزام بذلك، فيقع الكلام ههنا في أن المعاملة المتضمنة للغش هل هي محرمة بذاتها فتكون فاسدة، أو بعنوان ثانوي منطبق عليها أو ملازم لها، فلا تقع فاسدة؟