منه (قدس سره) من طغيان القلم وإلا فهو معترف بأن المعاطاة يفيد التمليك ويقصد به حصول الملك لا أنه يخبر عن حصوله قبلا ".
أقول: من يرى أن حقيقة الانشاء ليس إلا ايجاد المعنى باللفظ بحيث يكون اللفظ وجودا بالعرض للمعنى، كما عليه المحقق الأصفهاني (رحمه الله)، يمتنع أن يلتزم بصحة الانشاء بالفعل، لأن ما يطرأ عليه الانشاء ويوجد بوجود عرضي هو مفهوم المعنى القابل لأن تطرأ عليه أنحاء الوجودات وليس المعنى الموجود فإنه لا معنى لانشائه.
وعليه، فالانشاء لا يكون إلا باللفظ. لأنه دال على مفهوم المعنى كمفهوم التمليك في " ملكت " والنكاح في " أنكحت " وهكذا.
ولا يصح بالفعل، لأنه ليس دالا على المفهوم بما هو بل هو دال على التمليك المحقق - مثلا - من باب الملازمة، نظير الملازمة بين الدخان ووجود النار لا مفهومها.
فالفعل ملازم للتمليك الخارجي فهو دال عليه لا على المفهوم فلا معنى لأن يكون وجودا بالعرض للمفهوم.
نعم، من لا يذهب في معنى الانشاء إلى هذا المسلك ويراه ابراز المعنى بداعي التسبيب للاعتبار العقلائي أمكن أن يقول بتحقق الانشاء بالفعل وقصد تحقق المفهوم به بوجود انشائي لدلالته على المعنى وكشفه عنه.
لكن المحقق الأصفهاني (رحمه الله) ممن يذهب إلى الأول في حقيقة الانشاء، فالايراد منه على الشيخ (قدس سره) غير صحيح على مسلكه. فلاحظ.
ومنها: ما نقله عن الشهيد (رحمه الله) (1) في منع الدور المدعى استلزام صحة البيع له على تقدير تحقق الفسخ به، ببيان: إن البيع موقوف على الملك الموقوف على الفسخ المتأخر عن البيع. ومحصل ما نقله عنه في منع ذلك هو: إن الدور معي لا توقفي.
وتوضيح ما ذكره الشهيد (رحمه الله) هو: إن البيع الذي يعتبر فيه الملك هو النقل والانتقال وهو ملازم للفسخ الحاصل بالعقد، فهما يعني: الفسخ والنقل والانتقال متلازمان ومعلولان لعلة واحدة. أو يقال: إن المعتبر هو كون الملك مع النقل