فالصحيح في رده أن يقال: إن دليل صحة الفسخ بعتق الجارية ودليل صحة عتق العبد متعارضان ولا يمكن تقديم أحدهما على الآخر، لأن دليل الفسخ يقتضي عود العبد إلى ملك البائع ودليل العتق يقتضي حرية العبد وعدم تملك أحد له، فينافي مقتضاهما.
وليست صحة العتق متأخرة عن عدم الفسخ، كي يكون دليلها بالنسبة إلى دليل الفسخ كالأصل المسببي بالنسبة إلى السببي. فإذا ابتلى دليل الفسخ بالمعارض وهو دليل نفوذ الإجازة - كما فيما نحن فيه - كان دليل صحة العتق بلا مزاحم، بل دليل صحة العتق ودليل نفوذ الفسخ في عرض واحد، كما بيناه.
وبذلك يظهر أن القول الثالث وهو الحكم ببطلان العتق تبعا للشيخ هو المتعين بعد الالتزام بعدم تأتي الفضولية في العتق.
الصورة الثانية: أن يكون الخيار لبائع العبد وأعتقهما المشتري، وفي مثله يبني صحة عتق الجارية على جواز عتق الفضولي لأنها ليست ملكه، وصحة عتق العبد على جواز تصرف غير ذي الخيار في زمان الخيار. وما ذكرناه واضح.
الصورة الثالثة: أن يكون الخيار لهما، فقد استقرب الشيخ (قدس سره) صحة عتق الجارية ويكون فسخا، لأن عتق العبد بما أنه ابطال لخيار بائعه غير صحيح بدون إجازة البائع ومعها يكون إجازة منه لبيعه والفسخ مقدم على الإجازة.
والفرق بين هذه الصورة والصورة الأولى أن عتق كل من المملوكين في الصورة الأولى كان من المشتري صحيحا لازما، بخلاف هذه الصورة، لأن عتق العبد تصرف في موضوع حق البائع. نعم لو قلنا بصحة عتق المشتري العبد في زمن خيار البائع كانتا متفقتين في الحكم.
ويمكن أن يورد عليه:
أولا: بأن تقدم الفسخ على الإجازة ليس بمعنى إلغاء الإجازة وعدم ترتب الأثر عليها، بل من حيث عدم المنافاة بينهما وإمكان الجمع بينهما.
وعليه، فلا مانع من الالتزام بصحة عتق العبد من هذه الجهة لو أجاز البائع.