ثم إن الشيخ (قدس سره) أشار إلى أن التصرف فيما انتقل عنه يكون غالبا كاشفا نوعيا عن الرد، وليس كالتصرف فيما انتقل إليه، فالتصرف الذي يتحقق به الفسخ بملاحظة التعبد يكون أضيق من التصرف الذي يتحقق به الامضاء، ولكنه بملاحظة الكشف عن النوعي يكون أوسع منه، ولأجل ذلك تقل فائدة هذا البحث.
توضيح ذلك: إن التصرفات الواقعة على ما انتقل عنه على قسمين: خارجية، كوطء الأمة وتقبيلها وأكل الطعام ونحوها. واعتبارية، كبيع الأمة أو عتقها ونحوهما.
أما الخارجية، فهي محرمة لغير المالك، فإذا أقدم عليها من يعرف من حاله أنه لا يقدم على الحرام كشف ذلك عن قصده الفسخ وإلا كان تصرفه حراما. وهو خلاف ما عرف من حاله وجرت عليه سيرته.
نعم، لو لم يكن ذلك معروفا منه فلا ينفع التمسك بأصالة الصحة في عمل المسلم لاثبات تحقق الفسخ منه، لأن أصالة الصحة غاية ما تثبت عدم صدور القبيح منه، أما صدور الفعل الحسن بعنوانه ليترتب عليه آثاره فلا تثبته أصالة الصحة، ولذا لو تردد الكلام الصادر من شخص مسلم بين كونه سلاما وكونه سبا محرما، فإن أصالة الصحة تنفي كونه محرما ولا تثبت أنه سلام ليترتب عليه وجوب الرد.
وما نحن فيه كذلك، فإن أصالة الصحة لا تثبت أن العمل الصادر منه كان بقصد الفسخ.
وأما التصرفات الاعتبارية، فهي في حد أنفسها غير محرمة، إذ لا يحرم ايجاب البيع على مال الغير، فصدورها لا يكشف عن قصد الفسخ من هذه الجهة.
نعم، بما أن ظاهر المعاملة وقوعها عنه لا عن المالك فضولة، كان هذا الظهور كاشفا نوعا عن تحقق الفسخ ليصح ايقاع المعاملة عن نفسه. فهي من هذه الجهة تكشف عن الفسخ.
ثم إنه قد يتمسك في مثل هذه المعاملة بأصالة عدم الفضولية وعدم قصد الغير بالمعاملة.