ويقع الكلام - لتحقيق هذه الناحية - في جهتين:
الأولى: في أنه هل للوكيل حق إقامة الدعوى على الموكل أو لا؟
الثانية: في أنه لو ثبت أن له إقامة الدعوى فهل له إحلافه وهل ينفعه اقراره أو لا؟.
أما الجهة الأولى: فالحق أنه ليس له إقامة الدعوى على الموكل، إذ لا حق له يدعيه على الموكل. بيان ذلك: إن المشتري بمقتضى الموازين الظاهرية يعامل الوكيل معاملة المالك فيحاول رد العين عليه، والوكيل باعترافه سبق العيب على العقد كان سببا لرد المشتري عليه العين وأخذ ثمنه منه.
وهذا مما لا دخل للموكل فيه ولا يثبت جواز مطالبة الوكيل للموكل بشئ، وأي سبب من أسباب الضمان تحقق كي يضمن الموكل الخسارة الواردة على الوكيل؟
والخسارة الواردة عليه نشأت من محض اعترافه بضميمة الأسباب الظاهرية التي يستند إليها المشتري، فلا يحق له إقامة الدعوى على الموكل ومطالبته بشئ.
وأما الجهة الثانية: فقد عرفت أن الشيخ (قدس سره) علل جواز الاحلاف بأنه لو اعترف الموكل نفع الوكيل بدفع الظلامة عنه.
والظاهر أن جواز إقامة الدعوى تستلزم جواز الاحلاف. لكن اقرار الموكل لا ينفع الوكيل بشئ ولا يدفع الظلامة عنه.
والسر في ذلك أن اقراره لا يلزمه بدفع شئ إلى المشتري كي تندفع الظلامة عن الوكيل.
وذلك، لأن الاقرار إنما ينفذ إذا كان إقرارا على نفسه، والأمر ليس كذلك، لأنه وإن أقر بأن العيب سابق وهو إقرار منه بثبوت حق الرد للمشتري.
فقد يقال: بأنه إذا رد المشتري العين إلى البائع بلا تعيين خصوصيته من كونه الوكيل أو الموكل - وإن كان بانيا على أنه الوكيل بحسب الموازين الظاهرية، لكنه بحسب واقعه يقصد الرد على المالك أي شخص يكون - يلزم الموكل بدفع الثمن