الماء المخلوط بالجص جزما وإجماعا، وعدم كونه جزء المطهر أيضا كالمرة الثانية في الماء المطهر للبول، فلا محالة تكون المطهرية مستندة إلى النار حقيقة، وللماء أيضا نحو تأثير في رفع القذارة العرفية، ولا يلزم منه استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي لما مر مرارا من أن الطهارة والقذارة في اصطلاح الشارع ليستا إلا بالمعنى العرفي واللغوي مع أن الاستعمال في الجامع بعد قيام القرينة لا مانع منه، بل لا يمتنع الاستعمال في المعنيين كما قرر في محله.
فتحصل من ذلك أن الجص النجس بملاقاة النجاسة صار طاهرا بايقاد النار عليه.
وفيه - أن في الرواية احتمالات أخر لعل بعضها أقرب مما ذكر كاحتمال كون السؤال عن الجص الموقد عليه ما ذكر لأجل اختلاطه برمادهما وعدم إمكان تفكيكه عنه، فعليه يكون المراد من التطهير بالنار استحالتهما، وبالماء رفع القذارة العرفية، والتطهير بالاستحالة وتبدل الموضوع غير ما هو المطلوب في المقام.
وكاحتمال كون السؤال لتوهم أن الطبخ بالعذرة وعظام الموتى مناف لاحترام المسجد والسجود فسئل عن جوازه فأجاب بعدم المنافاة لرفع القذارة العرفية بالنار والماء.
وكاحتمال أن يكون المراد أن ايقادهما عليه معرض لعروض النجاسة فيكون مظنة لذلك، فأجاب بما ذكر، والمراد بالتطهير رفع القذارة المظنونة أو المحتملة كما ورد الرش في موارد الشبهات في الأخبار.
والانصاف أن اثبات هذا الحكم المخالف للقواعد بمثل هذه الرواية غير ممكن، مع أن الظاهر منها أن النار جزء الموضوع للتطهير، والحمل المتقدم بعيد جدا.