فتعجب من ذلك، وقال: كيف تطهر من غير ماء؟! أي تحتاج في التطهير إلى التبخير والتجفيف، وهما لا يتمان إلا بماء، ولعل المراد بالماء مطلق المائع القابل للتبخير، ولهذا نكره، ولو نوقش في ذلك يجب تقييد إطلاقها بصحيحة زرارة.
وإنما قلنا هذا الاحتمال أقرب لأن الرواية مشعرة بأن مطهرية الشمس كانت مفروضة، وإنما سئل عن كيفيتها، وأن الاشراق بلا ماء كاف أو لا، وقوله عليه السلام: " كيف يطهر " معناه كيف يطهر المحل بالشمس فقط من دون ماء سيما على نسخة الوافي، فإن فيها " تطهر " بالتاء المثناة، والظاهر أنه من التفعيل بمناسبة السؤال، وسيما مع تنكير " ماء " فإنه مشعر بأن المراد ليس التطهير بالماء على النحو المعهود، بل لا بد فيه من ماء يتبخر بالشمس.
ومع تساوي الاحتمالين لا يجوز رفع اليد عن صحيحة زرارة وغيرها الناصة على الطهارة بمثلها، بل مع فرض أرجحية الاحتمال الأول صارت معارضة لها، والترجيح معها لموافقتها مع الشهرة والاجماعات المنقولة، والانصاف أن طرح الصحيحة الصريحة بمثل هذه المضمرة المجملة غير جائز (1).
وأما الروايات الواردة في الشاذكونة وغيرها مما تدل على جواز الصلاة عليها مع الجفاف بلا تقييد بالشمس - وهي التي صارت موجبة لاغترار الكاشاني وارتكابه للتأويل البعيد في صحيحة زرارة وغيرها - فهي مطلقات يمكن تقييدها بتلك الروايات، ومع المناقشة فيه فالتصرف