في مثل المقام الذي يحتمل الانطباق من باب الاتفاق ولا لأمارية اليد الكذائية لعين ما ذكر، بل للتوسعة على العباد كما تدل عليه الروايات المتقدمة.
وإن شئت قلت: هذه الرواية لا تدل إلا على جواز الأكل بلا سؤال، وسائر الروايات ظاهرة في أن الحكم على نحو التوسعة لا الأمارية فلا تنافي بينهما، بل يمكن أن يقال: إن تجويز الأكل وترك السؤال في موضوع لا يقوم عليه أمارة عند العقلاء ظاهر في التوسعة.
وتشهد أيضا لما ذكرناه رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام، وفيها " والله إني لأعترض على السوق فأشتري اللحم والسمن والجبن، والله ما أظن كلهم يسمون: هذه البربر وهذه السودان " (1) فلو كان السوق أمارة على التذكية لكان المناسب أن يقول عليه السلام:
أن ما يشترى منه مذكى، ولا يناسب هذا التعبير مع إلقاء احتمال الخلاف في الأمارات.
ويشهد له خبر عبد الرحمان بن الحجاج، قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أدخل السوق أعني هذا الخلق الذي يدعون الاسلام، فأشتري منهم الفراء للتجارة، وأقول لصاحبها: أليس هي ذكية: فيقول:
بلى، فهل يصلح لي أن أبيعها على أنها ذكية؟ فقال: لا، ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول قد شرط الذي اشتريتها منه أنها ذكية، قلت:
ما أفسد ذلك، قال استحلال أهل العراق الميتة " (2) حيث يظهر منها جواز البيع والشراء مطلقا وعدم جواز الأخبار بتذكيته حتى مع إخبار صاحبها. لاستحلال أهل العراق الميتة، فلو كان سوق المسلمين