القضية الأولى.
فتحصل من ذلك حجية مفهوم القيد في الجملة الأولى دون الثانية فلا تعارض بينهما من حيث المفهوم، وإنما ذكر الجاري وهو أحد مصاديق المفهوم لنكتة لعلها كثرة وجوده في بلد السائل.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الصحيحة لاثبات المطلوب لكنه محل إشكال، ولو سلم كون المركن كناية عن القلة، لامكان أن يكون النائب مناب القيد الركود لا الكثرة، فلا يأتي فيه ما تقدم من البيان لا يقال: إن الركود مشترك بين القليل والكر، فإن الجاري القليل حكمه مرة، فلا معنى لنيابته عنه، فإنه يقال: يمكن أن يكون القلة سببا مستقلا والجريان مانعا عن تأثيره، والركود سببا آخر، وإنما نسب الحكم في القليل بالقلة لكونها كالوصف الذاتي للماء بخلاف الركود المقابل للجريان فإنه من الأعراض اللاحقة، والوصف الذاتي أسبق في التأثير.
هذا مع إمكان أن يقال: إن ذكر المركن ليس للاحتراز، بل لمجرد ذكر قسم من الماء، فحينئذ لأحد أن يعكس الأمر ويقول: إن توصيف الماء بالجاري لدخالته في الحكم، وليس شئ ينوب منابه، إذ مقابل الجاري الراكد، وهو لا يصلح للنيابة لعين ما تقدم، فيكون للجملة الثانية مفهوم بعد عدم المفهوم للأولى، وإنما ذكر المركن لأنه أحد المصاديق، فتدل الرواية بمفهومها على وجوب التعدد في غير الجاري، لكنه أيضا محل إشكال، لأن الراكد وإن لم يصلح للنيابة لكن الكثير يمكن أن ينوب عن الجاري، سيما مع التناسب بينهما، ولكن الانصاف أن إثبات حكم المرة أو المرتين في الكر بهذا الرواية في غاية الاشكال، والظاهر سكوتها عن حكم الكر.