رتب عليها أحكاما، وما ليس كذلك كالكافر والخمر والكلب ألحقها بها موضوعا أي جعل واعتبر لها النجاسة والقذارة، فيكون للقذارة مصداقان:
حقيقي وهو الذي يستقذر العرف، واعتباري جعلي كالأمثلة المتقدمة وغيرها من النجاسات الشرعية التي لا يستقذرها الناس لو خليت طباعهم وأنفسها أو ألحقها بها حكما أي رتب عليها أحكام النجاسة من غير جعل نجاسة لها.
والظاهر بحسب الاعتبار بل الأدلة هو احتمال ما قبل الأخير، لأن الظاهر أنه لم يكن للشارع اصطلاح خاص في القذر والنجس، فما هو قذر ونجس عند العقلاء والعرف لا معنى لجعل القذارة لها، لأن الجعل التكويني محال، واعتبار آخر نظير التكوين لغو، وليست للنجاسة والقذارة حقيقة واقعية لم يصل إليها العرف والعقلاء كما هو واضح، نعم لما كان العرف يستقذر أشياء لم يكن لها أحكام النجاسات الالزامية وإن استحب التنزه عنها والتنظيف منها كالنخامة والمذي والوذي، يكشف ذلك عن استثناء الشارع إياها موضوعا أو حكما.
وأما النجاسات الشرعية التي ليست لدى العرف قذرة نجسة كالخمر والكافر فالظاهر إلحاقها بها موضوعا، كما هو المرتكز عند المتشرعة فإنها قذرة عندهم كسائر الأعيان النجسة.
ولقوله تعالى: " إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام " (1) فإن الظاهر منه تفريع عدم قربهم المسجد على نجاستهم، بل وقوله تعالى: " كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون " (2) فإن الرجس القذر، وظاهره أنه تعالى جعلهم رجسا، وقوله تعالى: " قل لا