إن بين صحيحة أبي بصير وصحيحة ابن سنان تعارض العموم من وجه بدوا، فإن الأولى بعمومها شاملة لغير المأكول والثانية باطلاقها شاملة له.
نعم هنا رواية أخرى عن ابن سنان رواها الكليني في أبواب لباس المصلي عن علي بن محمد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " اغسل ثوبك من بول كل ما لا يؤكل لحمه " (1) فهي أيضا شاملة له بالعموم، لكن فيها إرسال لأن علي بن محمد من مشايخ الكليني ولم يدرك ابن سنان، فإنه من أصحاب أبي عبد الله (ع) ولم يثبت إدراكه لأبي الحسن موسى عليه السلام كما يشهد به التتبع وشهد به النجاشي، وإن عده الشيخ من أصحابه عليه السلام، ولا اشكال في عدم إدراك علي بن محمد ومن في طبقته له ولمن في طبقته، بل في طبقة متأخرة منه أيضا، كابن أبي عمير وجميل ومن في طبقتهما.
وعلى أي تقدير بينهما جمع عرفي في مورد الاجتماع، لأن الأمر بالغسل من بول ما لا يؤكل من الطير حجة على الالزام والوجوب ما لم يرد الترخيص، ونفي البأس ترخيص، ولو سلم ظهوره في الوجوب لغة يجمع بينهما بحمل الظاهر على النص، وصحيحة أبي بصير نص في عدم الوجوب.
وتوهم عدم امكان التفكيك في مفاد الهيئة مدفوع، أما على ما ذكرناه في محله بأنها لا تدل إلا على البعث والاغراء من غير دلالة على الوجوب أو الاستحباب وضعا فظاهر، لعدم لزوم التفكيك في مفادها الذي هو البعث والاغراء وإن انقطعت الحجة على الالزام بالنسبة إلى مورد الترخيص دون غيره وأما على ما قالوا فللكشف عن استعمالها