ثم ذكر أقسام المنكرين وساق الكلام إلى أن قال في تأييد عموم كلام الفقهاء في نجاسة الخوارج والنواصب للقاصر والمقصر: ويؤيدها ما ذكرنا من أن التارك للتدين ببعض الدين خارج عن الدين، انتهى ملخصا.
وفيه أن لازم دليله من أن الاسلام عبارة عن مجموع الأحكام، والتدين بالمجموع إسلام، وعدم التدين به كفر هو كفر كل من لم يتدين بمجموع ما جاء به النبي واقعا أصلا وفرعا ضروريا وغيره، منجزا على المكلف أو لا، لأن عدم التنجز العقلي لا يوجب خروج غير المنجز عن قواعد الاسلام، فلا وجه للتقييد بالمنجز، مع أن هذا التقييد ينافي التأييد في ذيل كلامه، لعدم تنجز التكليف على القاصر.
كما لا ينبغي معه الفرق بين الأمور الاعتقادية والعملية بعد كون الاسلام عبارة عن مجموع ما ذكر، فالتفصيل بين الأمرين كما وقع في خلال كلامه مناف لدليله، ومجرد أن المطلوب في الأحكام العملية ليس إلا العمل لا يوجب خروجها عن ماهيته التي ادعى أنها مجموع هذه الحدود الشرعية، وبترك التدين ببعضها يخرج عن الاسلام، والانصاف إن كلامه في تقرير هذا المدعى لا يخلو من تدافع واغتشاش.
والتحقيق أن ما يعتبر في حقيقة الاسلام بحيث يقال للمتدين به إنه مسلم ليس إلا الاعتقاد بالأصول الثلاثة أو الأربعة: أي الألوهية والتوحيد والنبوة والمعاد على احتمال، وسائر القواعد عبارة عن أحكام الاسلام، ولا دخل لها في ماهيته، سواء عند الحدوث أو البقاء، فإذا فرض الجمع بين الاعتقاد بتلك الأصول وعدم الاعتقاد بغيرها لشبهة بحيث لا يرجع إلى إنكارها يكون مسلما.
نعم لا يمكن الجمع بين الاعتقاد بالنبوة مع عدم الاعتقاد بشئ