المراد ما حصل بذاته ففيها - مضافا إلى كونها مجردة عن الدليل - ما لا يخفى، فإن المتبادر من الغليان عرفا ولغة هو الفوران والقلب بقوة، ولا يبعد أن يكون مأخوذا من الصوت في الأصل ثم اشتق منه.
ففي المجمع: " غلت القدر غليانا إذا اشتد فورانها " وفي المنجد:
" غلت القدر: جاشت بقوة الحرارة " ولم يفسره في الصحاح والقاموس لوضوحه عرفا، ومعلوم أن الفوران واشتداده لا يحصل فيما إذا غلى العصير بنفسه، بل ما حصل بنفسه هو النش والجيش الضعيف، فإذن لأحد أن يقول: إن الغليان وسائر تصاريفه إذا أسند إلى شئ بلا إضافة إلى نفسه يتبادر منه الفوران الشديد بقوة الحرارة النارية وغيرها، وإذا قيل غلى بنفسه يراد منه القلب الضعيف غالبا، ولعل النش المستعمل في الروايات فيما إذا غلى العصير بنفسه عبارة عن الصوت الحاصل من الجيش الضعيف للعصير المغلي بنفسه وإن كان لغة أعم منه.
وكيف كان لا بينة على دعواه، بل على خلافها، ولا أقل من أن يكون الغليان أعم.
وأما دعوى حصول الاسكار بمجرد الغليان فسيأتي الكلام فيها، ومما ذكرنا يظهر حال مستنده، وهو أن كل ما ذكر فيه الغليان لم يذكر فيه الثلثان لاثبات أن الغليان بنفسه موجب للاسكار، مع أن الواقع ليس كما ذكره.
أما صحيحة حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا يحرم العصير حتى يغلي " (1) فمع الغض عما ذكرناه آنفا - والغض عن احتمال كون " يغلى " مجهولا من باب التفعيل، ولا دافع له إلا الظن الخارجي الغير الحجة، والغض عن أن المراد في مقام الذي بصدد بيان الكبرى