" عصرت العنب عصرا - من باب ضرب - استخرجت ماؤه، واسم الماء العصير فعيل بمعنى مفعول " ومراده من اسمه بقرينة قوله: " فعيل بمعنى مفعول " أنه يطلق عليه وصفا.
ولعله منه أخذ بعض أهل التحقيق، حيث ذهب في رسالته المعمولة في عصير العنب إلى أن العصير أطلق على الماء المستخرج من العنب وغيره بالمعنى الوصفي، ومن قبيل استعمال فعيل بمعنى مفعول، ووجهه تارة بأن العصر إذا وقع على الشئ المتضمن للماء فقد وقع على جميع أجزائه التي منها الماء، وأخرى بأن إطلاق الفعيل بمعنى المفعول حقيقة لا يختص بما إذا كان مفعولا من غير تقييد، بل يصح إذا كان مفعولا مع تقييد بحرف كالنبيذ والنقيع والمريس، فإن النبيذ استعمل في الماء الذي ينبذ فيه التمر، والنقيع فيما نقع فيه الزبيب، والمريس في الماء الذي دلك فيه التمر أو الزبيب، فهي فعيل بمعنى المفعول مع التقييد، والعصير أيضا يستعمل في الماء المستخرج استعمال الفعيل في المفعول المقيد، وقد جعل ذلك دقيقة لغوية.
وقال أيضا في تقريبه: إنه إذا تحقق العصر فالفاعل عاصر، وذلك الشئ معصور والماء معصور منه، وقد يؤدى هذا المعنى بالفعل المجهول، فيقال: عصر هذا من ذاك، وقد يؤدى بصيغة المفعول، فيقال: إنه معصور منه، فالعنب وماؤه كلاهما معصور منه، لكن كلمة " منه " في الأول نائب الفاعل، وفي الثاني الضمير المستتر في المعصور الراجع إلى الماء هو نائب الفاعل، انتهى ملخصا.
وفيه مواقع للنظر: منها ما يدعي أن العصر إذا وقع على العنب وقع على مائه الذي في جوفه، لأن الماء ونحوه من المائعات لا يقع عليها العصر، ولا تصير معصورا حقيقة في العرف واللغة، فإذا وقع العصر