فإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب " (1) فإنها بصدد بيان سؤر الطيور لا نجاسة الدم، فكأنه قال: سؤر الطير لا بأس به إلا أن يتنجس بالدم.
ونظيرها رواية زرارة قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
بئر قطرت فيه قطرة دم أو خمر؟ قال: الدم والخمر و الميت ولحم الخنزير في ذلك كله واحد، ينزح منه عشرون دلوا، فإن غلب الريح نزحت حتى تطيب " (2) فإنها في مقام بيان حكم البئر لا الدم، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الواردة في بيان أحكام الصلاة والماء والمكاسب المحرمة و آنية أهل الكتاب وغيرها مما لا مجال لتوهم الاطلاق فيها.
وأما رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن عليا عليه السلام لا يرى بأسا بدم ما لم يذك يكون في الثوب فيصلي فيه الرجل: يعني دم السمك " (3) فلا إطلاق فيها بالنسبة إلى ما يذكى لأنه بصدد بيان نفي البأس عما لم يذك، لا إثبات البأس فيما يذكى.
ثم إن قلنا بعدم الاطلاق في الروايات فكما لا يمكن التمسك بها لاثبات نجاسة مطلق الدم لا يمكن التمسك بها لاثبات نجاسة دم ماله نفس سائلة، فلو شك في نجاسته ما دام كونه في الباطن، أو في نجاسة العلقة إن قلنا بأنها لذي النفس، أو في بعض أقسام الدم المتخلف، كالمتخلف في القلب والكبد، أو في العضو المحرم، أو المتخلف في الحيوان الغير المأكول لا تصلح تلك الروايات لرفع الشك فيها.
ودعوى أن الناظر في تلك الروايات الكثيرة في الأبواب المختلفة