والمدارك والدلائل هو مذهب أصحابنا مع استثناء ابن الجنيد في الثلاثة الأخيرة، ونقل عنه: الدماء كلها تنجس الثوب بحلولها فيه، وأغلظها نجاسة دم الحيض.
لكن يظهر من جماعة التقييد بالمسفوح، فعن الحلي الاستدلال على طهارة دم السمك ونحوه بأنه ليس بمسفوح، وعنه أيضا: الدم الطاهر هو دم السمك و البراغيث وما ليس بمسفوح، وقد نسب العلامة في المنتهى التقييد به إلى علمائنا قال: " قال علماؤنا الدم المسفوح من كل حيوان ذي نفس سائلة - أي يكون خارجا بدفع من عرق - نجس، وهو مذهب علماء الاسلام، لقوله تعالى: " قل لا أجد " الخ - وقال -:
دم السمك طاهر وهو مذهب علمائنا - إلى أن قال -: وقوله تعالى:
" دما مسفوحا " ودم السمك ليس بمسفوح " والظاهر أن كل من قيد الدم به إنما هو بتبع الآية الكريمة، كما ترى تمسك العلامة بها، فالأولى عطف الكلام إلى مفادها.
فنقول: إن في بادئ النظر وإن احتمل أن يكون التوصيف بالمسفوح للاحتراز عما لا يخرج من العرق صبا واهراقا بدفع في مقابل الرشح كدم السمك وغيره مما لا نفس سائلة له، أو للاحتراز عن الدم المتخلف في الذبيحة، أو للاحتراز عن الدم في الباطن مقابل الظاهر، أو للاحتراز عن جميع المذكورات، لكن الأقرب عدم قيدية الوصف، لأن ما هو المتعارف أكله هو الدم المسفوح أي الدم المأخوذ من الذبائح دون سائر الدماء، ومعه لا يصلح القيد للاحتراز، مضافا إلى أن الاستثناء لما كان من حرمة الأكل لا يراد بالقيد الاحتراز عن المذكورات واثبات الحلية لسائر أقسام الدم المقابل للمسفوح، ولا أظن من أحد احتمال حلية دم خرج من عرق حيوان بلا صب ودفع تمسكا بالآية الكريمة.