ثم أجاب عن الإشكال: بأن تسبيل المنفعة موسع لدائرة الوقف كما مر (1).
فيه ما مر: من أن الغرض لم يؤخذ في دائرة الإنشاء، وليس الوقف مركبا من إنشاءين: إنشاء الحبس، وإنشاء تسبيل المنفعة، بل هو عنوان وحداني، يتعلق به إنشاء واحد (2)، وإنما يفسر في مقام التفصيل: بأنه حبس الأصل، وتسبيل المنفعة، كما أنه لو أخبر مخبر عن الجسم، لا يخبر إلا خبرا واحدا، وإن انحل الجسم إلى مادة وصورة مثلا.
فالواقف في جعله وإنشائه لا يحدد الوقف، وإلا تصير كل الموقوفات من قبيل منقطع الآخر، ولم يكن وقف فيه تأبيد، وهو كما ترى.
وبالجملة: إن التأبيد والانقطاع تابعان لكيفية الجعل، لا لبقاء العين وعدم بقائها، فما لم يكن متقيدا بما يجعله منقطعا فهو مؤبد، ولا يلزم ذكر التأبيد في الإنشاء، فالوقف على المسلمين أو على الذرية - بلا قيد - وقف تأبيد.
ولو صح ما ذكره: من أن أمد الوقف ينتهي بانتهاء الغرض، ما كان جوابه بما أفاد مقنعا (3)، لا لفساد المبنى كما تقدم (4)، بل لأن مالية الوقف أيضا قد تكون محدودة بحد، وليس لها استعداد بقاء إلى الطبقة المتأخرة، فيكون الوقف إلى أمد المالية بعين ما ذكره، فلا تجب مراعاة تلك الطبقة.
والتحقيق ما عرفت: من أن لزوم ذلك لأجل حفظ مصالح الذرية أو المسلمين، ولا يكون الوقف على المعدومين، ولا يدور مدار مالكيتهم أو تعلق حقهم به (5).