بالمعدومين بما هم معدومون; لامتناع الإشارة إليهم (1) - أن الوقف سواء كان عاما أو خاصا، إذا لم يكن له استعداد بقاء إلى الطبقات المتأخرة ذاتا أو منفعة، يجب على الوالي تبديله بما يكون له استعداد البقاء ذاتا ومنفعة، لا لأجل تعلق حق من المعدومين به حتى يقال: إن المفروض أنه لا يبقى إلى عصرهم (2).
بل لأنه صار من المصالح العامة في الأوقاف العامة، ومن المصالح اللازمة الحفظ للطبقات المتأخرة في الأوقاف الخاصة، ومن الضروري أن الواقف لا يختلف وقفه وإيقافه على العناوين بحسب اختلاف الأعيان الموقوفة في استعداد البقاء، فمن جعل محلا مسجدا، لم يختلف جعله - في كيفية المسجدية - بين ما يبقى بحسب استعداده إلى الأبد، وبين غيره، فلا تقييد في جعل المسجدية، وكذا الحال في سائر الأوقاف.
هذا في الأوقاف التي لم يتعرض الواقف فيها لحال عروض العوارض، وأما فيما تعرض فالحكم تابع لجعله، وليس الكلام هنا فيها، فإذا صارت قرية بحسب الوقف من مصالح المسلمين، لا يجوز للوالي إهمالها إلى أن تضيع، ولا تبديلها بما لا يبقى إلا بمقدار بقاء الأصل، بل لا بد من لحاظ ما هو الأصلح لهم أو لطائفة منهم، كالأوقاف الخاصة.
وما قاله بعضهم: من أن إنشاء الوقف تعلق بشخص العين; لأجل انتفاع جميع الطبقات على فرض بقائها إلى زمانهم، فإن غيره غير معقول; إذ حبسها لهذا الغرض لا يعقل انفكاكه عن هذا الغرض، فينتهي أمد الوقف بانتهاء الغرض، فلا ملك للمعدومين لا فعلا ولا شأنا، فلا حق لهم حتى يجب مراعاته.