الحجاج الحاكية عن وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) وفي مواضع منها أجاز بيع الوقف لقضاء الدين أو لغيره - توجب تقوية احتمال كون قوله (عليه السلام): «لاتباع، ولا توهب» لبيان جعله وقراره على عدم البيع، مقابل جعله لجوازه كما في صحيحة ابن الحجاج (2).
فيستفاد من المجموع أن الوقف على قسمين: قسم يوقفه الواقف ويقيده بعدم جواز بيعه، وقسم يقيده بالجواز، ويكون الوقف في الجواز واللاجواز تابعا لجعله، وعلى حسب ما يوقفه أهله، ولو لم يذكر في الوقف شيئا من الجواز وعدمه، فلا بد من التماس دليل آخر على ذلك.
ثم لا فرق في عدم استفادة بطلان بيعه من الرواية، بين كون قوله (عليه السلام):
«لاتباع، ولا توهب» وصفا للصدقة، وبين عدمه كما استظهرناه (3); فإن الوصف مردد بين كونه وصفا معهودا في الشرع - والمراد أن هذه الصدقة لاتباع ولا توهب في الشرع، كناية عن الوقف وإنشاء له - وبين كونه وصفا وصفه إياه من قبل نفسه، والمراد أنها صدقة لا أجيز بيعها وهبتها; فإن الجملة الإخبارية - على الفرضين - لا تكون إخبارا حقيقة; فإن كثيرا من الأوقاف بيعت خارجا، فلا يكون الإخبار موافقا للواقع، فلا بد وأن يكون في مقام الإنشاء.
لا بمعنى استعمال الإخبار في الإنشاء، بل الإخبار على حاله استعمالا، وجعل كناية عن الزجر والإنشاء، فالجملة الإخبارية صفة للصدقة، والمعنى