وأما كون كلمة " عن " مفيدة النشو (1)، فغير منقولة عن أهل الأدب، وما هو المعروف منهم في الإفادة المذكورة هي كلمة " من " والمتدبر في المستثنى يجد أن الآية في مقام تقييد التجارة بالتراضي منكم، لا تقييد التجارة بكونها ناشئة عن التراضي (2)، فكلمة * (عن تراض) * توطئة لإفادة ما يستفاد من قوله تعالى: * (منكم) * حذاء التراضي الحاصل من إجبار الغير وإكراهه، فلا نظر فيها إلى هذه المسألة، كما مر تفصيله في بيع المكره.
مع أن ما تحقق منا سابقا سقوط هذه الآية عن صحة الاستدلال بها، لاشتمالها على كلمة * (الباطل) * وأمثال هذه اللفظة مختلفة المفاهيم باختلاف الأمم والآفاق، ولذلك فكثيرا ما يعد الحقوق العقلائية أباطيل في الشرع، والأباطيل العقلائية من الحق عند الشرع، كما في الحيل، وما هذا إلا لاختلاف الأذواق والسلائق، وكيفية الإدراكات، وأنحاء الملاحظات، كلحاظ الآثار الأخروية والأخلاقية والاجتماعية وغيرها في درك مفهوم " الحق " و " الباطل ".
فبالجملة: مثل القمار والربا وغير ذلك، حق عند العرف واقعا، وفي نظر الشرع باطل حقيقة، لا أنه حق موضوعا، وباطل تعبدا، لأن الشرع يلاحظ وراء ما يدركه العرف أمورا أخر ربما ترجع إلى النشآت الأخرى، فعليه لا يمكن التمسك لصحة الفضولي ولا بطلانه بهذه الآية،