دور المعرفة أما أهمية المعرفة فتبرز في تمييز الحق من الباطل من المعتقدات، فمن كانت معرفته سقيمة تبع المذاهب الباطلة بما لها من انعكاسات وتأثيرات على مختلف الأصعدة، فنراه يؤمن بالتجسيم والجبر والارجاء وينكر عصمة الأنبياء وخلق القرآن وعيينة الذات للصفات وغير ذلك من المعتقدات. وفضلا عن هذا الجانب فإن للمعرفة دورا مهما في رقي درجات الايمان باعتبار اختلاف الناس في قدرتهم على فهم واستيعاب بعض المعارف الحقة لاختلافهم في مستوى عقولهم وإدراكاتهم.
ولقد ذكرت الآيات والأحاديث أن رتب المؤمنين ودرجاتهم من حيث القرب والبعد من الله عز وجل تختلف بحسب درجات إيمانهم، قال تعالى: (هم درجات عند الله) (1)، وقال عز وجل: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (2)، وروى الكليني بإسناده إلى عبد العزيز القراطيسي قال: قال لي أبو عبد الله الصادق عليه السلام: (يا عبد العزيز، إن الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شئ حتى ينتهي إلى العاشر، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره) (3).
وروى العياشي في تفسيره عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(بالزيادة بالايمان يتفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله، قلت: وإن للايمان درجات ومنازل يتفاضل بها المؤمنون عند الله؟ قال: نعم، قلت: صف لي ذلك رحمك الله حتى أفهمه، قال: ما فضل الله به أولياؤه بعضهم على بعض، فقال: (وتلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات) (4)، وقال:
(ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) (5)، وقال (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات) (6)، وقال: (هم درجات عند الله) (7)، فهذا ذكر الله درجات الايمان ومنازله عند الله) (8).