أن الأساس في الثواب وقبول الاعمال على الاذعان القلبي بالعقائد الحقة، فإن لم يكن الشخص حائزا له فإنه تجري عليه أحكام الاسلام فقط ولكنه لا يعتبر مؤمنا، ففي صحيحة الفضيل بن يسار عن الامام الصادق عليه السلام قال: (إن الايمان ما وقر في القلوب، والاسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء) (1). وفي رواية القاسم الصيرفي عن الامام الصادق عليه السلام: (الاسلام يحقن به الدم وتؤدى به الأمانة وتستحل به الفروج، والثواب على الايمان) (2).
وروى الكليني بسند صحيح أن حمران بن أعين قال: سمعت الامام الباقر عليه السلام يقول: (الايمان ما استقر في القلب وأفضى به إلى الله عز وجل وصدقه العمل بالطاعة لله والتسليم لامره، والاسلام ما ظهر من قول أو فعل، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها، وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج، فخرجوا بذلك من الكفر وأضيفوا إلى الايمان، والاسلام لا يشرك الايمان والايمان يشرك الاسلام وهما في القول والفعل يجتمعان، كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة، وكذلك الايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان، وقد قال الله عز وجل: (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم)، فقول الله عز وجل أصدق القول. قلت: فهل لمؤمن فضل على المسلم في شئ من الفضائل والاحكام والحدود وغير ذلك؟ فقال: لا هما يجريان في ذلك مجرى واحدا ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقربان به إلى الله عز وجل، قلت: أليس الله عز وجل يقول: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) وزعمت أنهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحج مع المؤمن؟ قال عليه السلام: أليس قد قال الله عز وجل (يضاعفه له أضعافا كثيرة)، فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عز وجل لهم حسناتهم لكل حسنة سبعون ضعفا، فهذا فضل المؤمن ويزيده الله في حسناته على قدر صحة إيمانه أضعافا كثيرة ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير، قلت: أرأيت من دخل في الاسلام أليس هو داخلا في الايمان؟ فقال عليه السلام: لا، ولكنه قد أضيف إلى الايمان وخرج من الكفر، وسأضرب لك مثلا تعقل به فضل الايمان على الاسلام، أرأيت لو بصرت رجلا في المسجد أكنت تشهد أنك رأيته في الكعبة؟ قلت: لا يجوز لي ذلك، قال: فلو بصرت رجلا في الكعبة أكنت شاهدا أنه قد دخل المسجد الحرام؟ قال: نعم، قال: وكيف ذلك؟ قلت: لأنه لا يصل إلى دخول الكعبة حتى يدخل المسجد، فقال:
فقد أصبت وأحسنت، ثم قال: كذلك الايمان والاسلام) (3).