وعلى سبيل المثال فإن من يسأل عن وفاة الامام الحسن عليه السلام هل هي قتل وشهادة بالسم؟
فيجيب بأن ذلك ممكن، فهذا الجواب وإن لم يكن رفضا قاطعا للقول بشهادته إلا أن التشكيك بحد ذاته يعتبر موقفا مضادا في مثل هذا الامر، فإما أن يعترف المسؤول في هذه الموارد بجهله إن كان جاهلا، أو يثبت أو يرفض ذلك بأدلة علمية قاطعة أو يسكت على أضعف التقادير، وهذا ما لم يفعله فضل الله.
ثالثا: ليس من الصحيح أن يطالب فضل الله عوام الناس بالبحث والتحقيق في المسائل التاريخية وغيرها، في حين نراه يجهل وجود روايات تتحدث عن مسائل أساسية وحساسة؟ فإذا كان مع كل دراساته ومطالعاته - حسب ادعائه - لم يطلع على روايات ظالم الزهراء عليها السلام وإسقاط جنينها، فهل يحق له أن يطالب مجموعة (صغيرة أو كبيرة) من النساء بالبحث والتحليل، أو يطالب العلماء بذلك؟! وهل يعذر بعد هذا العمر الطويل في عدم العثور (إلى ما قبل أربعة أعوام) على رواية واحدة تتحدث عن السقط الشهيد المحسن عليه السلام!
رابعا: علل فضل الله تحفظه على رواية كسر الضلع بضعف السند، وهذا يوحي للمستمع أن آراءه مبنية دوما على ملاحظة صحة السند، فهل - مثلا - ثبت لديه وفق السند الصحيح أن الزهراء عليه السلام هي التي كتبت مصحف فاطمة؟ وهل ثبت لديه بالسند الصحيح خطبة الزهراء في نساء المهاجرين؟ وهل ثبت لديه بالسند الصحيح أن الزهراء كانت تقوم بالليل حتى تتورم قدماها؟ (1)، وهل وجد نصوصا صحيحة السند تثبت أن ضرب المرأة كان أمرا مشينا ومعيبا في الجاهلية وموجبا للتشنيع والتعبير للأعقاب؟ وهذه المسألة وغيرها كثير ينطبق على معظم ما قاله وتبناه، وهذا يفتح بابا واسعا من الأسئلة التي تدور حول تبنيه للروايات والاحداث التاريخية وعموم تصوراته وأفكاره هل هي قائمة وفقا لصحة السند أم على الذوق والاستحسان. وهل يمكن لفضل الله أن يدعي أن كل ما ذكره في كتبه وخطاباته من أحاديث قد ثبتت صحتها السندية.
وإن ما دعانا لفتح هذا الباب هو ما شاهدناه وفي أكثر من موقع أنه يقبل بعض الآراء المبتنية على السند الضعيف ويرفض الرأي القائم على السند الصحيح، ومن ذلك ما سيأتي ذكره عند الحديث عن مصحف فاطمة، حيث إنه استقرب كون مصدر مصحف فاطمة هو الرسول صلى الله عليه وآله وكاتبه هو الزهراء عليها السلام واستبعد كون مصدر مصحف فاطمة هو جبرائيل عليه السلام وكاتبه هو الامام علي عليه السلام! بالرغم من أن ما استقر به إما ضعيف سندا أو لم ترد فيه رواية أو محمول على الرأي الاخر، وما استبعده قد وردت فيه الروايات الصحيحة! بل إننا نلاحظ كثيرا أنه يستشهد بما رواه السنة ومع ذلك فلم يطعن فيما نقله عنهم بضعف السند، وكشاهد على ذلك الروايات المتعددة التي نقلها عن ابن سعد في أواخر كتابه (خطوات على طريق الاسلام) حيث استند عليها في استنتاج ما تبناه من الرأي.