ولم يكن بكاؤها بهذه الصورة التي تظهر في الروايات، بل كانت تذهب إلى قبر رسول الله معها ولداها وتتذكر مواقعه وفي أماكنه وكانت تأخذ وقتا لتعبر عن هذا الحزن، ولكنها كانت القوية الصابرة، لذلك كان حزنها حزنا إسلاميا، ولم يكن حزنها حزنا ذاتيا).
السؤال رقم 6: ذكر بعض الشيعة أن بعض الحديث عن أحزان الزهراء عليها السلام غير دقيق فلا أتصور أن الزهراء عليها السلام لا شغل لها في الليل والنهار إلا البكاء، ولا أتصور أن الزهراء عليها السلام تبكي حتى ينزعج أهل المدينة من بكائها مع فهمها لقضاء الله وقدره وأن الصبر من القيم الاسلامية المطلوبة حتى لو كان الفقيد في مستوى رسول الله صلى الله عليه وآله. هل أن كثرة بكاء الزهراء عليها السلام وزين العابدين عليه السلام أمر ثابت عند الشيعة أم لا؟ وهل كان بكاؤهما عاطفيا محضا أم كان وظيفة يمارسها المعصوم لهدف من الأهداف، وعلى فرض كونه عاطفيا فهل يتنافى مع التسليم لقضاء الله وقدره خصوصا مع كون الفقيد هو المصطفى صلى الله عليه وآله؟
جواب الميرزا جواد التبريزي: (ليس المراد ببكاء الزهراء عليها السلام ليلا ونهارا استيعاب البكاء لتمام أوقاتها الشريفة، بل هو كناية عن عدم اختصاصه بوقت دون آخر. كما أن البكاء إظهارا للرحمة والشفقة لا ينافي التسليم لقضاء الله وقدره، والصبر عند المصيبة، فقد بكى النبي يعقوب عليه السلام على فراق ولده يوسف حتى ابيضت عيناه من الحزن - كما ذكر القرآن - مع كونه نبيا معصوما. وبكاء الزهراء عليها السلام على أبيها كما كان أمرا وجدانيا لفراق أبيها المصطفى صلى الله عليه وآله فقد كان إظهارا لمظلوميتها ومظلومية بعلها عليه السلام، وتنبيها على غصب حق أمير المؤمنين عليه السلام في الخلافة وحزنا على المسلمين من انقلاب جملة منهم على أعقابهم كما ذكرته الآية المباركة (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) بحيث ذهبت أتعاب الرسول صلى الله عليه وآله في تربية بعض المسلمين سدى.
كما أن البكاء على الحسين عليه السلام من شعائر الله، لأنه إظهار للحق الذي من أجله ضحى الحسين عليه السلام بنفسه، وإنكار للباطل الذي أظهره بنو أمية، ولذلك بكى زين العابدين عليه السلام على أبيه مدة طويلة إظهارا لمظلومية الحسين عليه السلام وانتصارا لأهدافه. ولا يخفى أن بكاء الزهراء عليها السلام وزين العابدين عليه السلام فترة طويلة من المسلمات عند الشيعة الامامية).
التعليق 20 لفضل الله في جوابه السادس: (إن المقصود من كلامي هو أن الزهراء عليها السلام لم تستغرق وقتها في الليل والنهار في البكاء، لأنها تمثل أعلى درجات الصبر من خلال مقامها الرفيع عند الله، فالزهراء عليها السلام وأهل البيت قدوتنا في الصبر، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله قدوة الناس كلهم في هذا المجال. وهذا هو معنى التأسي بهم، فالله جعل للحزن على المصاب، لا سيما إذا كان عظيما دوره في رقة القلب، وللصبر عليه درجة عظيمة لا مخصص لها... وكانت الزهراء عليها السلام مشغولة في كل وقتها بالدفاع