معجزاته عليه السلام ويقول إنها من موضوعات الشيعة، وتخرص من افتراه منهم للتكسب بذلك أو التعصب، وهذا بعينه مقال الزنادقة كافة وأعداء الاسلام فيما نطق به القرآن من خبر الجن وإسلامهم في قوله (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد)، وفيما ثبت به الخبر عن ابن مسعود في قصة ليلة الجن ومشاهدته لهم كالزط، وغير ذلك من معجزات الرسول صلى الله عليه وآله، وانهم يظهرون التعجب من جميع ذلك ويتضاحكون عند سماع الخبر به والاحتجاج بصحته، ويستهزئون ويلغطون فيما يسرفون به من سب الاسلام وأهله واستحماق معتقديه والناصرين له ونسبتهم إياهم إلى العجز والجهل ووضع الأباطيل، فلينظر القوم ما جنوه على الاسلام بعداوتهم لأمير المؤمنين عليه السلام واعتمادهم في دفع فضائله ومناقبه وآياته على ما ضاهوا به أصناف الزنادقة والكفار مما يخرج عن طريق الحجاج إلى أبواب الشغب والمسافهات، وبالله نستعين) (1).
وقال الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) ضمن عدة فصول أوردها بتحدث أمير المؤمنين عليه السلام مع الحيتان والثعبان: (ومن ذلك ما رواه نقلة الآثار واشتهر في أهل الكوفة لاستفاضته بينهم وانتشر الخبر به إلى من عداهم من أهل البلاد فأثبته العلماء من كلام الحيتان له في فرات الكوفة. وذلك أنهم رووا أن الماء طغى في الفرات وزاد حتى أشفق أهل الكوفة من الغرق، ففزعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وخرج والناس معه حتى أتى شاطئ الفرات، فنزل عليه السلام فأسبغ الوضوء وصلى منفردا بنفسه والناس يرونه، ثم دعى الله بدعوات سمعها أكثرهم، ثم تقدم إلى الفرات متوكئا على قضيب بيده حتى ضرب به صفحة الماء وقال: انقص بإذن الله ومشيته، فغاض الماء حتى بدت الحيتان في قعره، فنطق كثير منها بالسلام عليه بإمرة المؤمنين ولم ينطق منها أصناف من السمك وهي الجري والمار ما هي والمزمار، فتعجب الناس لذلك وسألوا عن علة نطق ما نطق وصمت ما صمت، فقال: أنطق الله لي ما طهر من السمك وأصمت عني ما حرمه ونجسه وبعده. وهذا خبر مستفيض شهرته بالنقل والرواية كشهرة كلام الذئب للنبي صلى الله عليه وآله وتسبيح الحصى في كفه وحنين الجذع إليه وإطعام الخلق الكثير من الزاد القليل، ومن رام طعنا فيه فهو لا يجد من الشبهة في ذلك إلا ما يتعلق به الطاعنون فيما عددناه من معجزات النبي صلى الله عليه وآله.
فصل: وقد روى حملة الآثار ورواة الاخبار أيضا من حديث الثعبان والآية فيه والأعجوبة مثل ما رووه من حديث كلام الحيتان ونقص ماء الفرات.
فرووا أن أمير المؤمنين عليه السلام كان ذات يوم يخطب على منبر الكوفة إذ ظهر ثعبان من جانب المنبر وجعل يرقى حتى دنى من أمير المؤمنين عليه السلام، فارتاع الناس لذلك وهموا بقصده ودفعه عن أمير المؤمنين عليه السلام فأومأ إليهم بالكف عنه، فلما صار على المرقاة التي عليها أمير المؤمنين عليه السلام قائم انحنى إلى الثعبان وتطاول الثعبان إليه حتى التقم أذنه،