فإن عدم الاستبعاد غير كاف في الاثبات وإلا لصح نسبة أي شئ إلى مصحف فاطمة لمجرد نفي الاستبعاد ولا أظن أن يلتزم به أحد، أما رواية حماد فعلى فرض ضعفها فإن ذلك لا يعني أن ما ورد قبالها صحيح السند، فكل ما جاء في الروايات المثبتة لوجود الاحكام الشرعية هما روايتا الحسين بن أبي العلاء ورواية حبيب الخثعمي فقط، والثانية ضعيفة السند، أما رواية الحسين فإنها وإن كانت صحيحة السند ولكن لا ظهور فيها كما ذكرنا.
أما ثانيا: الوجه الذي ذكره العلامة المجلسي في دفع هذا التوهم، فقد قال:
(فإن قيل: إنه ورد في بعض الاخبار انه ليس في كتاب فاطمة عليها السلام شئ من الاحكام، فكيف كان هذا؟) ثم أورد رواية حماد بن عثمان التي جاء فيها: (أما أنه ليس فيه شئ من الحلال والحرام)، ثم قال: (قلت: يحتمل أن يكون المراد أنه ليس فيه حكم أصالة، ولا ينافي أن يستنبط من بعض الاخبار التي تضمنها بعض الاحكام إذ ما من خبر إلا ويستفاد منه حكم غالبا) (1).
ثالثا: إن تعبير الامام المعصوم عليه السلام هو (كتاب فاطمة) وليس (مصحف فاطمة)، ومن الممكن أن يكون للزهراء عليها السلام كتاب آخر غير مصحفها خصوصا مع ورود بعض الأحاديث التي تفيد وجود ما سوى مصحف فاطمة لديها من كريسة أو لوح وما شاكلهما كما أشير إلى ذلك في خاتمة بحث مصدر مصحف فاطمة، فاستظهار فضل الله والقول بأن (كتاب فاطمة) هو (مصحف فاطمة) ليس بتام، وقد أشار العلامة المجلسي إلى هذا الاحتمال عند شرحه لهذا الحديث، فقال: (مع أنه يحتمل أن يكون كتاب فاطمة عليها السلام غير مصحفها صلوات الله عليه) (2)، وعلى أقل تقدير فإن هناك إجمالا من هذه الناحية.
رابعا: فإن الامام عليه السلام نسب الكتاب إلى أم المخاطب عبد الله بن الحسن فقال:
(كتاب أمك)، ولم يقل (كتاب أمك فاطمة الزهراء عليها السلام)، ولم يقل (كتاب جدتك الزهراء عليها السلام أو أمك الزهراء عليها السلام) كما نسبه (فضل الله) إلى الرواية، وليس في الرواية أي دليل على إرادة (الزهراء) من اسم (فاطمة)، ومن المعروف أن والدة عبد الله بن الحسن هي فاطمة بنت الامام الحسين عليه السلام ولا يستبعد أن يكون لها كتاب نقلته عن أبيها أو عن أخيها فيه مسائل الحلال والحرام، وعلى أقل تقدير فالرواية مجملة من هذه الناحية.
خامسا: من المحتمل وجود سقط في الرواية لتكون العبارة هكذا: (قرأت في كتابي كان عند أمك فاطمة)، لأنه جاء في الكافي أن الامام الحسين عليه السلام قبل شهادته في كربلاء أودع كتاب الجامعة المختص بمسائل الحلال والحرام عند ابنته فاطمة بنت الحسين