وحينئذ، فتعين الجمع بينهما بحمل هذه الروايات على أن المراد أن ذات عرق وإن كانت من العقيق، إلا أنها لما كانت ميقات العامة (1)، وكان الفضل إنما هو فيما قبلها.
فالتأخير إليها وترك الفضل إنما يكون لعذر من علة أو تقية، ويشير إليه كلام الحلي في السرائر، فإنه قال: ووقت رسول الله - صلى الله عليه وآله - لأهل كل صقع ولمن حج على طريقهم ميقاتا، فوقت لأهل العراق العقيق، فمن أي جهاته وبقاعه أحرم ينعقد الاحرام منها، إلا أن له ثلاثة أوقات: أولها المسلخ، وهو أفضلها عند ارتفاع التقية، وأوسطها غمرة، وهي تلي المسلخ في الفضل مع ارتفاع التقية، وآخرها ذات عرق، وهي دونها في الفضل، إلا عند التقية والشناعة والخوف فذات عرق هي أفضلها في هذه الحال، ولا يتجاوز ذات عرق إلا محرما (2)، انتهى.
ويحتمل ذلك كلام المخالفين في المسألة، ولعله لذا لم يجعلهم الفاضل والشهيد مخالفين صريحا، بل قال الأول: وكلام علي بن بابويه يشعر (3) الثاني، وظاهر علي بن بابويه والشيخ في النهاية (4).
هذا، ولا ريب أن الأحوط عدم التأخير إلى ذات عرق، بل ولا إلى غمرة، لما عرفته من دلالة بعض الصحاح (5) على خروجها من العقيق أيضا، ولما لم يوجد قائل به كان الاحرام منها أفضل من الاحرام من ذات عرق، وهي دونها في الفضل، لوجود قائل بخروجها، أو عدم جواز الاحرام