عرفا، وقلنا بأن اللازم في التمسك كشف المصداق الشرعي، فلنا التمسك بأن المولى الحكيم الذي أحل البيع، لو كان يعتقد بأن في صدق البيع يعتبر القيد الكذائي لأوضحه، وحيث سكت عنه في مدة التشريع، يكشف منه أن ما هو البيع عرفا هو البيع شرعا، وما هو الصلاة والصوم والإجارة والنكاح عرفا هو ذلك شرعا، ثم بعد ذلك يحتاج إلى الإطلاق اللفظي أيضا، لأن ما يحصل بالإطلاق المقامي هو موضوع ومصب الإطلاق اللفظي.
فما يظهر من بعضهم أحيانا، من تخيل أن الإطلاق اللفظي والمقامي دليلان عرضيان (1)، غير تام، والأمر سهل.
وهذا الإطلاق ينفع القائلين بالأخص في ألفاظ العبادات والمعاملات (2)، ولكن الشأن في تمامية مقدماته، وهي غير بعيدة بالنسبة إلى محيط التقنين، فليتدبر.
ثم إنه ربما يتمسك بالإطلاق المقامي في الشبهة الحكمية الكلية أيضا، كما إذا شك مثلا في وجوب الذكر الفلاني، أو العمل الكذائي في كل صباح ومساء، فإنه لا حاجة إلى التشبث بالبراءة، بل هناك إطلاق مقامي مقدم عليها، وهو أن الشرع الأقدس قد مضى عليه أحيان التشريع، ولو كان هذا مما يجب لأوضحه وبينه، لابتلاء العموم به، فمنه يعلم عدم وجوبه، وبهذا الدليل كثيرا ما يستدل في المسائل الخلافية المبتلى بها في الأسبوع والشهر.
فبالجملة تحصل: أن الإطلاق المقامي ليس معناه إلا كشف كون المولى في مقام التوضيح والتقنين، مع عدم إفادة مرامه بذكر القانون، أو بذكر خصوصيات مصب القانون اللفظي من حيث الوضع والتصرفات في محيط الدلالة والوضع، فعليه يلزم أن يكون الإطلاق أيضا معناه الرفض والإرسال، لا اللحاظ والجمع، فاغتنم.