ومن هذا البيان ظهر أيضا فساد زعم عدم جواز التمسك باطلاق الخطاب لدفع قيدية دعوة الأمر ببيان:
ان هذا ليس تقييدا في دليل تلك العبادة حتى يدفع باطلاقها. إذ ذلك الكلام أيضا من فروع زعم أن المنشأ بهذا الانشاء شخص وجوب قائم بموضوعه.
والا فعلى ما ذكرنا [يصلح] الخطاب للتقيد به فيكون مثل هذا القيد أيضا قابلا لتقيد الخطاب الشخصي [به] فيدفع حينئذ باطلاقه.
نعم لو بدل هذا البيان ببيان آخر من امكان اتكال الشارع في بيانه إلى حكم العقل بلزوم تحصيله عند تنجز الأمر والخطاب بنفس الذات - كما هو شأن من ذهب إلى الاحتياط في مثل هذه القيود عند الشك، لكان أمتن.
إذ قصور الخطاب في اطلاقه حينئذ من جهة احتمال اتكاله في بيان القيد إلى حكم العقل بلزوم تحصيله، وهذه الجهة غير [مرتبطة] بعالم عدم قابليته لتقييد به كي يرد عليه ما ذكرنا فتدبر.
هذا كله حال الاطلاقات لفظيا.
وفي المقام تقريب آخر للاطلاق بدعوى أن هذا القيد لما كان مغفولا عنه عند العرف في محاوراتهم فعند تجريد الخطاب منه لا ينسبق إلى أذهانهم إلا كفاية مجرد الاتيان بالمأمور به في الوفاء بالغرض.
ففي هذه الصورة لو لم ينبه المولى إلى القيد لنقض غرضه فالعقل يحكم حينئذ بعدم دخله فيه.
ومثل هذا التقريب يسمى في كلماتهم بالاطلاق المقامي، وهو أوسع من التقريب الأول الراجع إلى الاطلاق اللفظي من جهة، وأضيق منه من جهة.
وجه أوسعيته انه يجري حتى على مسلك جعل مفاد الخطاب حكما شخصيا غير قابل للاطلاق كعدم قابليته للتقييد حيث إنهما متضايفان. (*)