رخصوا في الإفتاء، وحثوا عليه، وكان بناء القدماء من الصحابة على الاجتهاد بالأخذ بالعمومات والإطلاقات، وأنه لو كان يلزم الاحتياط على المعاصرين لوقعوا في الشدة والحرج واختلال النظام.
مع أن الضرورة قاضية بورود المطلق في جواب السائل عن الأحكام الشخصي، وكان يعمل به، مع أن القيد ورد في جواب السائل الشخصي الآخر المحتاج إلى المسألة في معيشته، فإنه من أمثال هذه الأمور يستكشف صحة الاحتجاج.
ولو سلمنا تمامية الشبهة بالنسبة إلى العصر الأول، وهو عصر التشريع، فلا نسلم بالنسبة إلى العصور المتأخرة وعصر الغيبة.
وتوهم استناد الغيبة إلى الأمة العاصية، فيكون قصور البيان وعدم إيصال الأحكام، معلول القبائح والأفعال الأسواء، فلا يصح التمسك بالعمومات والمطلقات بعد الديدن المشاهد، غير جائز، ويطلب من محل آخر.
وما اشتهر بين أبناء التكلم: " من أن عدمه منا " (1) مأخوذ أحيانا من بعض الأخبار. وحيث إن المسألة من المسائل الإلهية العقلية المحرر تفصيلها في " قواعدنا الحكمية " (2) ولا تصل إليها أفهام أرباب العلوم الظاهرية، فإيكالها إلى أهلها أولى. ولو كانت الأخبار الصحيحة صريحة في ذلك فهي مأولة على أنهم يتكلمون حسب اختلاف العقول، ولا منع من دخالة ذلك على نحو الجزئية المبهمة، فلا تكن من الجاهلين.
فتحصل: أن إيجاب الاحتياط، وإسقاط التمسك بالعمومات والإطلاقات لأجل أمثال هذه الشبهات، غير تام جدا.