" أما أنه شر عليكم أن تقولوا بشئ ما لم تسمعوه منا " إلى غير ذلك من الأخبار التي يضيق عن نقلها المقام.
وأما الاعتماد على الاجماع وإناطة الحكم به فهو وإن كان مشهورا بينهم إلا أنك قد عرفت ما فيه مما كشف عن ضعف باطنه وخافيه.
والتحقيق عندي في المقام هو أن يقال لا ريب أن الصلاة عبادة شرعية موظفة محدودة بالتكبير إلى التسليم تحريمها التكبير وتحليلها التسليم (1) وأنها عبارة عن الأفعال المخصوصة وما بينها من الانتقالات إلا أنه قدر خص الشارع في الاتيان ببعض الأفعال فيها مما هو خارج عنها، فيجب الوقوف على مواضع الرخص لأنها جارية على خلاف الأصل، لأنا لو خلينا وظاهر الأمر بها وأنها عبارة عما ذكرنا ولم يرد شئ من ما ذكرناه من الرخص لكنا نوجب الحكم ببطلانها مع الاتيان بتلك الأشياء البتة لخروجها عن الصلاة المبنية على التوقيف عن صاحب الشرع لكن لما وردت النصوص بها لم يسع الحكم بالابطال، وحينئذ فالواجب الاقتصار في الحكم بالصحة على موارد النصوص من تلك الأشياء ونحوها وما خرج عن ذلك سمي عرفا كثيرا أو لم يسم انمحت به صورة الصلاة أم لا فإنه يجب الحكم فيه بالابطال وقوفا على ما ذكرناه عن الأصل.
وبالجملة فإنه حيث كانت النصوص خالية من هذا الحكم وما ادعوه من الاجماع في المقام وفرعوا عليه من الأحكام فهي لا توصل عدنا إلى مقام فالواجب الوقوف على مقتضى الأصل في حكم الصلاة وما يقتضيه الأمر بها وما ورد من النصوص المخصصة لذلك في هذا الباب.
فالواجب ذكر جملة من تلك النصوص الواردة في ذلك لتكون أنموذجا لا يتعداه السالك في هذه المسالك، فمن ذلك أخبار الرعاف وقد تقدم جملة منها في مسألة الكلام.