وأما ما يتوهم - من اطلاق سجدتي السهو في تلك الأخبار التي استند إليها المحقق الذي هو منشأ هذا الخلاف فتبعه من تبعه فيه من الأسلاف والاخلاف استنادا إلى أنه لو كان الذكر واجبا فيهما لذكر لأن المقام مقام البيان وحيث لم يذكر علم أنه غير واجب - ففيه أن المقام وإن كان مقام بيان إلا أنه ليس لبيان سجدتي السهو وكيفيتهما وأحكامهما كما توهموه وإنما هو لبيان أحكام أخر وذكر سجدتي السهو إنما وقع استطرادا لبيان أحكام تلك المسائل.
وها أنا أسوق لك جملة من أخبارهم التي استندوا إليها ليظهر لك صحة ما ذكرناه:
ففي صحيحة الحلبي (1) " إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة تتشهد فيهما تشهدا خفيفا ".
وفي رواية عبد الله بن سنان (2) " فإن كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما ".
وفي حسنة زرارة (3) " إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أزاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس... الحديث ".
وفي موثقة إسحاق بن عمار (4) " إذا ذهب وهمك إلى التمام ابدأ في كل صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع " إلى غير ذلك من الأخبار التي ذكر فيها سجود السهو.
فإنه لا يخفى أن المقام إنما هو في بيان تلك الموجبات للسجود وأن من جملة ما يترتب على حصول تلك الأسباب سجود السهو، فذكر سجود السهو إنما وقع استطرادا لما يترتب على الأسباب لا أن المقام مقام بيان السهو وما يترتب عليه ويتعلق به من الأحكام. نعم ربما عبروا (عليهم السلام) بمجرد الاتيان بالسجدتين وربما أضافوا إلى ذلك بعض أحكامهما من كونهما بعد التسليم وكونه يسلم فيهما وكونه يتشهد