الموجب للمضي بتلك الأفعال المعدودة، وعلى هذا فيجب تأويل صحيحة عبد الرحمان الدالة على المضي في الصورة المذكورة، أو أنه يقول بالعموم لمقدمات تلك الأفعال فيجب المضي في الصورتين، وحينئذ يجب تأويل صحيحة عبد الرحمان الأخرى أو القول بها وتخصيصها بموردها والعمل في ما عدا هذا الموضع باطلاق الأخبار المتقدمة من صحيحتي زرارة وإسماعيل بن جابر ونحوهما باعتبار صدق الغيرية في المقدمات.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الذي يقرب عندي هو القول بالفرق بين الأفعال المشار إليها آنفا وبين مقدماتها وأنه لا يجب عليه المضي إلا بالدخول في تلك الأفعال وفاقا للشهيدين أما بالدخول في مقدماتها فإنه يرجع عملا بصحيحة عبد الرحمان الأولى وما ذكروه - من عموم تلك الأخبار المتقدمة مثل صحيحتي زرارة وإسماعيل بن جابر ونحوهما باعتبار صدق الغيرية على مقدمات الأفعال وقد جعل (عليه السلام) المناط في المضي هو الدخول في الغير والغيرية ثابتة في تلك المقدمات - فهو وإن تم في بادئ النظر إلا أنه بالتأمل في الأخبار المذكورة ليس كذلك، وذلك فإن قوله (عليه السلام) في صحيحة إسماعيل بن جابر (1) " إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض " يدل بمفهومه الشرطي الذي هو حجة عند المحققين على عدم المضي قبل ذلك وأنه ليس هنا حد يوجب المضي في الأول قبل السجود وفي الثاني قبل القيام، وحينئذ فقوله " كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره " وإن كان مطلقا كما تمسك به الخصم إلا أنه يجب تقييده بما دل عليه صدر الخبر.
وهذا المعنى قد وقع في صحيحة زرارة (2) على وجه ظاهر في ما ذكرناه حيث قال: " يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ " فإن عطف قوله " دخلت في غيره " ب " ثم " الدالة على المهلة والتراخي يشعر بوجود واسطة بين الدخول والخروج كما هو موجود في تلك الأفعال المعدودة في الرواية،