للتخصيص بالكفين كما عرفت ولا سيما الخبر الثالث وقوله (عليه السلام): " ولم يمسح الذراعين بشئ " فإنه صريح في رد ما ذهب إليه ابن بابويه، وقوله (عليه السلام) في الخبر الأول والثاني: " ومسح يديه فوق الكف قليلا " إشارة إلى إدخال جزء من الذراع من باب المقدمة فإنه صريح في رد القول الثاني.
ومما يدل على مذهب ابن بابويه الخبر الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر، وهي - كما عرفت - مطروحة عندنا مردودة إلى قائلها لمخالفتها لظاهر القرآن المأمور بعرض الأخبار عليه والأخذ بما وافقه ورد ما خالفه، وقد عرفت مما أوضحناه في سابق هذا المقام مخالفتها لظاهر الآية المفسرة في الرواية الصحيحة بالتبعيض في كل من الوجه واليدين فلا مسح على اليدين كملا لا تخييرا ولا استحبابا كما صار إليه أصحابنا (رضوان الله عليهم) جمعا بين أخبار المسألة، والعجب منهم كيف ألغوا هذه القواعد الشرعية التي استفاضت أخبار أئمتهم (عليهم السلام) بها ونبذوها وراء ظهورهم، فليت شعري لمن ألقيت هذه القواعد ومن خوطب بها سواهم؟ وهم قد ألغوها في جميع أبواب الفقه وعكفوا على الجمع بين الأخبار بالكراهة والاستحباب مع ظهور الحمل على التقية في مواضع ومخالفة القرآن في مواضع كما حققناه في أبواب هذا الكتاب وسنشير إليه فيما يأتي إن شاء الله تعالى في غير هذا الباب، ما هذا إلا عجب عجاب.
وأما القول الثاني فيدل عليه الحديث الرابع عشر، وهو مع ضعفه وشذوذه لا يبلغ قوة المعارضة لما عرفت من الأخبار المجمع على العمل بها قديما وحديثا بين الطائفة المحقة فيجب اطراحه وارجاعه إلى قائله (عليه السلام) والظاهر أنه إلى هذه الرواية أشار مولانا الرضا (عليه السلام) في الفقه الرضوي بقوله: " وروي من أصول الأصابع. الخ ".
واعلم أنه قد استدل في المدارك على القول المشهور بعد نقل الأقوال المتقدمة واختياره المشهور هنا فقال: لنا قوله تعالى " فامسحوا بوجوهكم وأيديكم " الباء للتبعيض كما بيناه، وأيضا فإن اليد هي الكف إلى الرسغ يدل عليه قوله تعالى: " والسارق