الكتاب المذكور، ومنه يعلم مستند القول المشهور وإن خفي على الأكثر من أصحابنا المتأخرين والجمهور لعدم وصول الكتاب إليهم. وقال الصدوق في العلل (1) بعد نقل رواية محمد بن عجلان المتقدمة: " وروى في حديث آخر: إذا أتيت بالميت القبر فلا تفدح به القبر فإن للقبر أهوالا عظيمة ونعوذ بالله من هول المطلع ولكنه ضعه قرب شفير القبر واصبر عليه هنيئة ثم قدمه قليلا واصبر عليه ليأخذ أهبته ثم قدمه إلى شفير القبر " انتهى. والظاهر أن هذه الرواية المرسلة مأخوذة من الكتاب المذكور كما ترى فإن العبارة واحدة. بقي الكلام في الجمع بين هذه الروايات وبين ما ذكره (عليه السلام) في الفقه الرضوي، والظاهر حمل كلامه (عليه السلام) على مزيد الفضل والاستحباب فإنه أبلغ في الأهبة والاستعداد وإن تأدى أصل الحكم بما في تلك الأخبار، قوله (عليه السلام): " فلا تفجأ به القبر " قال في المصباح المنير: " فجأت الرجل أفجأه مهموز من باب تعب وفي لغة بفتحتين: جئته بغتة " وحينئذ يكون المعنى هنا لا تأت بميتك القبر بغتة، وأما على رواية " تفدح به القبر " فقال في القاموس: " فدحه الدين كمنعه أثقله " ولعل المراد لا تجعل القبر ودخوله ثقيلا على ميتك بادخاله فيه بغتة، وأما هول المطلع فقال في النهاية: " هول المطلع يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال " انتهى قوله:
" ويدخله القبر. إلى آخره " فيه دلالة على عدم تعين عدد مخصوص وبه قال الأصحاب، قال في المنتهى: " لا توقيت في عدة من ينزل القبر وبه قال أحمد، وقال الشافعي يستحب أن يكون وترا (2) " وفي الخبر المذكور دلالة على أن الاختيار في ذلك للولي، وهو كذلك من غير خلاف يعرف. والله العالم.