سأل الصادق (عليه السلام) عن البينة إذا أقيمت على الحق أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة من غير مسألة إذا لم يعرفهم؟ فقال: خمسة أشياء يجب على الناس أن يأخذوا بها بظاهر الحال: الولايات، والتناكح، والمواريث، والذبائح، والشهادات، فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه. فجمع الشيخ بوجهين:
أحدهما: أنه لا يجب على الحاكم التفتيش عن بواطن الناس، وإنما يجوز له أن يقبل شهادتهم إذا كانوا على ظاهر الإسلام والأمانة، وأن لا يعرفهم بما يقدح فيهم ويوجب تفسيقهم، فمتى تكلف التفتيش عن أحوالهم يحتاج إلى أن يعلم أن جميع الصفات المذكورة في الخبر الأول منتفية عنهم، لأن جميعها يوجب التفسيق والتضليل، ويقدح في قبول الشهادة.
والثاني: أن يكون المقصود بالصفات المذكورة في الخبر الأول الإخبار عن كونها قادحة في الشهادة وإن لم يلزم التفتيش عنها، والمسألة والبحث عن حصولها وانتفائها، ويكون الفائدة في ذكرها أنه ينبغي قبول شهادة من كان ظاهره الإسلام، ولا يعرف فيه شيء من هذه الأشياء، فإنه متى عرف فيه أحد هذه الأوصاف المذكورة فإنه يقدح ذلك في شهادته، ويمنع من قبولها. انتهى (1). وذلك بأن يريد أنه إذا أراد البحث فلا يكفيه المنظر الحسن، وإن لم يلزمه البحث.
ثم مما يؤيد الاكتفاء بالإسلام، قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لشريح: واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد لم يتب منه، أو معروفا بشهادة الزور أو ظنينا (2). وخبر حريز عن الصادق (عليه السلام) في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا فعدل منهم اثنان ولم يعدل الآخران، فقال: إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعا، وأقيم الحد على الذي شهدوا عليه، وإنما عليهم أن يشهدوا بما أبصروا وعلموا، وعلى الوالي أن